مضى عام على تصاعد الحالة الثورية في الضفة الغربية من انطلاق عرين الأسود، وبدء عمليات المقاومة بشمال الضفة الغربية، وانتقال الحالة الثورية إلى مدينة نابلس، الأوسع مساحة، والأكثر كثافة سكانية، ولها دور تاريخي مهم في العمل المقاوم بالضفة الغربية سواء في انتفاضة الأقصى أو بالانتفاضة الأولى، لذلك عرفت بجبل النار نابلس.
بعد مُضي عامين على انطلاق الحالة الثورية الأخيرة في الضفة، وعامًا في نابلس تتسع دائرة النار بالضفة الغربية، حيث انضمت مدينتي أريحا وطولكرم للحالة الثورية، بما عرف بالرد السريع على جرائم الاحتلال في الضفة الغربية والأقصى، وتصاعد العمل المقاوم المسلح عبر العمليات التي ينفذها المقاومون ضد جنود الاحتلال والمستوطنين.
لا يستثنى من ذلك امتداد الحالة الثورية في وسط الضفة الغربية وخاصة في رام الله والخليل، على الرغم من الانتهاكات والاعتداءات التي يمارسها الاحتلال يوميًا عبر الاعتقالات المكثفة، وعمليات الاقتحام الواسعة، وهدم المنازل، ولم يبقَ شيئًا لم يفعله الاحتلال، وحديثه الأخير عن عمليات واسعة في الضفة هي تعبير عن العجز في مواجهة سلسلة العمليات العسكرية الأخيرة.
عمليات المقاومة في أسبوع واحد فقط وهو الأخير، شهدت 242 عملًا مقاومًا بينها 48 عملية، 31 عملية إطلاق نار وعملية طعن و9 محاولات تفجير عبوات ناسفة في آليات الاحتلال، أدت تلك العمليات إلى مقتل جنديين من جنود الاحتلال وإصابة 5 جنود، وارتقى فيها شهيدان.
بالأرقم يتضح أن تكلفة العمل المقاوم بشريًا وماديًا هي أقل تكلفة للفلسطيني، وأكثر إيلامًا للاحتلال، وتوقع خسائر مباشرة في صفوفه، وتودي لفقدانه للأمن الشخصي، كما حدث في عملية مستوطنة حرميش الأخيرة، وقبلها عمليات الأغوار وحوارة.
بات الشباب المقاوم، على قناعة أن المبادرة للعمل المقاوم ضد مستوطنات الاحتلال، ودوريات الاحتلال، ومواقعه العسكرية، يربك الاحتلال، ويفقده المبادرة للعمل العسكري ضد المدن والمخيمات الفلسطينية، وهذا تطور نوعي بالعمل المقاوم، يتسبب بحالة من الإرباك للاحتلال، ويحد من مبادرته لاقتحام المدن الفلسطينية، ويساهم في حماية منفذي العمليات من مطاردة الاحتلال، وتوفير حاضنة شعبية أوسع للعمل المقاوم، وانتقاله من عمليات الاشتباك داخل المدن إلى مهاجمة مواقع وآليات الاحتلال، والاختفاء مما يعيق عمل جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية.
يومًا بعد يوم يتطور العمل المقاوم في الضفة الغربية، ويتسع اتساعًا كبيرًا، ويؤكد لنا ما نشره الباحث الإسرائيلي "ميخائيل مليشطاين" بأن المقاومة تبني إستراتيجية واضحة ومركزة لتصعيد العمل المقاوم في الضفة، ويشير بمقاله إلى أن حركة حماس وضعت هدفًا واضحًا لها، هو تصعيد العمل المقاوم في الضفة، وتوجيه عمليات مركزة ضد الاحتلال، وتبقى الضفة الغربية في واجهة الأحداث، وتقف خلف العمل المقاوم والتحريض وفق تعبيره لإشعال الضفة الغربية، وإبقائها متصاعدة، وتشكيل بيئة وحاضنة شعبية واسعة، كما حدث بفوز حماس في انتخابات جامعتي بيرزيت والنجاح، في تعبير عن دعم شعبي واسع للمقاومة في الضفة الغربية، في مواجهة الاحتلال، وسياسة التنسيق الأمني التي تتبناه السلطة.