"يستيقظ أطفالي كلّ يوم تتغيّر ملامحهم وتنتفخ، تملأ اللسعات أيديهم وأرجلهم".. مع كلّ صباح يومٍ جديد يتكرر مشهد المعاناة السابق في بيت أسامة لبد الذي يسكن على مسافة قريبة من "بركة "الشيخ رضوان" لتجميع مياه الأمطار تتخذها حشرة البعوض بؤرة للتكاثر قبل مهاجمة أسرابها منازل المواطنين القريبة.
طوال اليوم لا يفارق البعوض بأعداد كبيرة جدران منزل لبد، وتنشط مع حلول الليل خاصة مع بدء موسم الصيف ليعيش الناس معاناة قديمة تتجدد كل موسم، تؤرّق محاولاتهم للنوم وتُنغّص حياتهم.
بكلمات مليئة باليأس يصف لبد حال بيته بأنه "مشهد مؤلم وكئيب"، فرغم استخدامه كل الطرق والوسائل للسيطرة عليها إلا أنّ محاولاته باءت بالفشل، كما يقول.
ويرى في حديثه لصحيفة "فلسطين" أنّ "المشكلة كبيرة ويصعب السيطرة عليها بالأدوات المنزلية البسيطة، فنحن نتحدث عن بركة منبع للبعوض".
أمام عدم جدوى الحلول التي اتخذها لطرد البعوض، يقوم بتغطية أجساد أطفاله بقطع قماشية، فبالنسبة له شعورهم بالحر أهون من لسعات البعوض.
بنبرة صوت يعتليها الغضب أضاف: "اللسعات لحظية ومؤثرة، قد تتكرر على مدار اليوم أكثر من مرة. تكثر بالليل رغم أننا نغلق النوافذ والأبواب، لكنها تهجم علينا كالأسراب وبكميات كبيرة".
والبعوض جزء من حشرات عديدة تتخذ بركة الشيخ رضوان بؤرة لها، ويعتقد لبد أنّ رش بلدية غزة سطح مياه البركة لا يكفي، لأن هناك معاناة يعيشها المواطنون المجاورون لها في الشوارع الفرعية.
وتقدم المواطن بشكوى للفرق الفنية لدى البلدية، التي لبّت الشكوى وقامت برش منزله بمبيدات طاردة للبعوض، إلا أنها عادت في مساء اليوم ذاته للبيت، مما يتطلب وضع إستراتيجية وحلٍّ جذري للأضرار التي تُسبّبها بركة الشيخ رضوان على المواطنين، كما يضيف.
المعاناة ذاتها تلازم المواطن رامي حجازي الذي يعيش بالقرب من البركة منذ 11 عامًا، إذ يتعرض أطفاله الثلاثة للدغات البعوض، حتى اضطر في بعض المرات إلى نقلهم للمشفى بسبب ظهور أورام وسخونة وارتفاع حرارتهم.
يقول حجازي لـ"فلسطين": "نعاني سنويًّا من انتشار البعوض والحشرات خاصة في فترة الليل، ونرى تأثير لدغاتها واضحة على أجساد أطفالي الصغار، فتجعل حياتنا صعبة".
وللحد من انتشارها داخل منزله وضع حجازي شباكًا على النوافذ ما أسهم بتقليل تواجدها داخل المنزل وليس بإنهاء المشكلة، مثنيًا في الوقت ذاته على جهود البلدية بمكافحة انتشار البعوض، من خلال رش محيط البركة بالمبيدات.
جهود لمكافحتها
وبيّن مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية غزة المهندس أحمد أبو عبدو أنّ البعوض يتكاثر في المياه الراكدة والمستنقعات المائية وتطير لمسافة تصل إلى 500-800 متر من محيط بركة التجميع.
وأوضح أبو عبدو لـ"فلسطين" أنّ فرق بلدية غزة ومع بداية أبريل/ نيسان وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني تعمل على رشح مياه الأمطار للخزان الجوفي، وتلك التي لا تستطيع ترشيحها تصرفها نحو البحر عبر خطوط أنابيب.
وبيّن أنّ مستوى ارتفاع منسوب مياه بركة الشيخ رضوان وصل حاليًّا إلى 20 سم، مُنبهًا إلى أنّ خطوط التصريف لا تستطيع سحب مياه أقل من 50 سم، وبالتالي تسحبها البلدية من خلال مضخات متنقلة.
وذكر أنّ البلدية رشت سطح البركة بمبيد حشري، وأجواء المنطقة المحيطة بخلط "المبيد مع السولار" بواسطة شاحنة مرّة في الأسبوع.
وأقرّ أبو عبدو أنّ البلدية تستقبل شكاوى يومية من المواطنين، 80% منها تكون بؤرة البعوض داخل المنزل بسبب وجود مياه راكدة في خزانات مياه مفتوحة أو داخل إطار سيارة، مشيرًا إلى أنّ المعاناة من انتشار البعوض لا تقتصر على بركة الشيخ رضوان، بل تعاني مناطق أخرى بمدينة غزة من المشكلة.
ونبّه في الوقت ذاته إلى أنّ العاصفة الرملية التي تأثّر بها القطاع مؤخرًا قتلت معظم الحشرات الموجودة في محيط البركة، داعيًا المواطنين إلى الاتصال على رقم الطوارئ الخاص بالبلدية (115) في حال وجود بؤر للبعوض.
ونصح أبو عبدو المواطنين بإغلاق النوافذ وقتل البيئة التي تنمو فيها البعوض.