فلسطين أون لاين

"الانتخابات كوسيلة حضارية"

تتفق مكونات الشعوب على اللجوء إلى وسيلة الانتخابات لتنظيم العلاقة البينية، واحترام الآراء والمواقف التي تنتج عنها، وبدون هذه الانتخابات تسيطر قيم القهر والاستفراد ومصادرة الحريات والإرادات.

وحسب خبراء الرأي العام فإن التنافس الشريف والمحترم بين الأحزاب والتكتلات والنقابات والجمعيات والكتل الطلابية في الجامعات يلعب دوراً مهماً وأساسيًّا في التنمية الإيجابية الكاملة في مكونات الرأي العام.

نقول ذلك لأننا عشنا خلال الأسابيع الماضية محطات انتخابية في الضفة الغربية وغزة والإقليم، ألقت بظلالها على حديث واهتمام الرأي العام الفلسطيني، وسنوضح في هذا المقال دلالات هذه المحطات على النحو الآتي:

١- شهدنا تحت عنوان الانتخابات داخل نقابة الصحفيين في الضفة وغزة مسرحية فصولها خيالية، وبعيدة عن الواقع، ولا تمت بصلة لقيم الانتخابات، والأغرب أن هذه المسرحية مدعومة من مؤسسات إقليمية ودولية لتشهد على عدم النزاهة والشفافية.

٢- جرت انتخابات مجلس طلبة أكبر جامعات الضفة الغربية (النجاح، وبيرزيت) التي عكست الوجه الحضاري للجامعتين، وبعيداً عن النتائج، والبيئة الخارجية الضاغطة إلا أن هذه الانتخابات عبرت عن مكنونات الجسم الطلابي، وأستطيع القول إن الفائز الحقيقي فيها قيم الانتخابات والجامعتان، لترسل رسالة إلى القائمين على مسرحية ما يسمى انتخابات الصحفيين مضمونها الشكل الحضاري لعملية الانتخابات الحقيقية.

٣- بعد انتخابات النجاح وبيرزيت تعالت بعض الأصوات بالمطالبة بإجراء انتخابات في جامعات غزة، الأمر الذي يحتاج إلى توضيح: 

نظرة (الطيارة المخطوفة) تتحكم في القرار تجاه غزة، وأن هناك قرار سياسي من قيادة السلطة بعدم الشرعية لغزة ومؤسساتها، إضافة إلى أن السلطة مازالت تتحكم في عدد مهم من جامعات غزة، وهي التي تعطل الانتخابات، وإننا نضم صوتنا إلى إجراء انتخابات في كل النقابات والجامعات في الضفة وغزة.

٤- في (٢٨-٥-١٩٦٤) تأسست منظمة التحرير الفلسطينية، وبعد فترة اعتبرها الجانب العربي الرسمي الممثل الشرعي الوحيد، وبعيداً عن هدف التأسيس، وبعيداً عن الخطايا الكارثية التي اقترفتها قيادة المنظمة، فإن الفصائل الفلسطينية عامة اتفقت على أن تكون المنظمة بيت الشعب الفلسطيني، واتفقت في كل الحوارات في الدول العربية والإسلامية المتعددة أن المنظمة تحتاج إلى إصلاح، ومن أهم ملامح الإصلاح انتخابات شاملة يشارك فيها كل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج حتى تكون ممثلة حقيقية لكل الطيف الفلسطيني، ولكن للأسف حالة الاستفراد والتهميش والإقصاء وغياب قيمة الانتخابات هي السائدة إضافة إلى الموت الإكلينيكي لجسم ودور المنظمة لصالح السلطة.

٥- جرت انتخابات برلمانية ورئاسية تركية هي الأصعب والأعقد والأشد منافسةً حسب متابعتنا، والذي دفعنا للكتابة عنها في المشهد الانتخابي بشكل عام، القيمة العالية في الإقليم لشكل هذه الانتخابات، بل فاقت الانتخابات في عدد كبير من دول العالم التي تتغنى في الحرية والقانون والانتخابات، ودافع آخر هو الانعكاسات المتوقعة على العديد من القضايا العربية والإسلامية، من ضمنها دور تركيا في القضية الفلسطينية، وفي أزمة عشرة ملايين مهاجر داخل تركيا من أبرزهم الشعب السوري، وأمور أخرى.

وتبقى الانتخابات الوسيلة الحضارية التي تضمن كرامة الإنسان وتصون الأوطان، والذي يملك مصلحة الإنسان والأوطان لا يمكن أن يخاف منها، أما القائم على الاستغلال والقهر لم ولن يقدم عليها.