فرحت غزة بفوز أردوغان، فرحت غزة وفلسطين وحق لها أن تفرح، فقد فاز من أحبها وتحبه، والفرح فرع الحبّ، وأردوغان من أحب الرؤساء لغزة وفلسطين، بل هو الأحب من الرؤساء المعاصرين للمسلمين عامة.
فرحت غزة وفرحها عادة قليل ونادر بسبب الاحتلال والحصار والخذلان والدماء والهدم والدمار. فرحت غزة من تحت الركام ومن بين الهدم والدماء. فرحت رغم الاحتلال والحصار، لأنها رأت في فوز أردوغان هزيمة لأميركا والغرب و(إسرائيل)، ورأت في فوزهم أملًا أيضًا.
كنت في بيت عزاء فوجدت الناس يتركون الميت ويتحدثون بفرح عن فوز أردوغان. صليت المغرب في جماعة فوقف إمام المسجد يهنئ المصلين بفوز أردوغان ويدعو له بالتوفيق، ذهبت لمركز المدينة بغزة فوجدت السيارات تدق أبواقها لفوز بأردوغان، ووجدت تجمعات عشوائية تحمل صورة أردوغان، وتهتف له، ورأيت آخرين يوزعون الحلويات.
لماذا أردوغان في غزة، والقدس، وفلسطين؟! بل قل لماذا أردوغان في كل العواصم العربية والإسلامية؟
الجواب يقول لأن غزة والقدس في قلب أردوغان، وهي أيضًا في قلب الأتراك. لا يوجد حب ذي مغزى من طرف واحد، الحب ظاهرة تفاعلية بين طرفين على الأقل، غزة والقدس تتفاعل مع أردوغان، وهو يتفاعل معها تفاعلًا إيجابيًّا. كل العواصم العربية ترى قواسم مشتركة بينها وبين أردوغان، فأردوغان في قلوب الشعوب المحبة له لأن يمثل الأمل بعودة الإسلام لكرسي القيادة، الذي اغتصبه العلمانيون واليساريون والشيوعيون.
نعم، لو ترشح أردوغان في غزة، أو في القدس، لأخذ ٩٩٪ من أصوات الناخبين، فليس لغزة والقدس أدنى تحفظ على قدرات أردوغان وسياساته كزعيم وقائد شجاع ومحنك، وساجد لله. غزة تعطي أردوغان هذه النسبة لأن غزة ترى فيه أملًا لم تجده عند منافسه. غزة ترى الأمل في الإسلام لا في اليسار، ولا في العلمانية.
لقد حظيت تركيا بقائد ذكي مخلص لها، يصنع سلاحها بيديه، ويعالج قيمها بقيم الإيمان، ويرفع منزلتها بين الدول الكبرى بقوة، ويعالج اقتصادها دون ربا واقتراض، ولا يخاف شراسة الأعداء، ولا يجبن عند اللقاء. مثل هذا القائد لم تعرفه فلسطين منذ النكبة وحتى تاريخه، لذا أحبت فلسطين أردوغان، وفرحت لفوزه، لأنه يمثلها ولو كان رئيسًا لتركيا.