فلسطين أون لاين

تقرير طارق عمرو.. طالب جامعي يروي حكاية اعتقال 23 يومًا ونقله "للمسلخ"

...
الطالب طارق عمرو
الخليل-غزة/ يحيى اليعقوبي:

"سحبوني بهمجية على طريقة العصابات البوليسية".. توقفت مركبة أمنية أمام سيارة أجرة كان يستقلها الطالب بجامعة بوليتكنك الخليل طارق عمرو، في أثناء عودته لمنزله على بعد 150 مترًا من حرم الجامعة، وترجّل منها ملثمون مسلحون واقتادوه إلى سجن وقائي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.

على مدار 23 يومًا اعتقلت أجهزة أمن السلطة الطالب عمرو وهو منسق الكتلة الإسلامية بالجامعة، ويدرس تخصص هندسة حاسوب (مستوى ثالث)، ليُغيّب عن عائلته التي لم تستطع زيارته أو رؤيته إلا في جلسات المحاكمة، وخضع لعزل عن العالم في زنزانة انفرادية، وتنقَّل بين سجون السلطة إلى أن أُفرج عنه أول من أمس.

يصف الطالب عمرو لحظة الاعتقال بأنها "عملية همجية"، ويقول لصحيفة "فلسطين" مستهجنًا اعتقاله: "لم أفعل شيئًا ليتم اعتقالي على نشاطنا الطلابي، لكن السلطة للأسف تمارس تكميم الأفواه، ونعيش أجواء من الإذلال والقهر المتعمد في الضفة".

يستحضر لحظة الاعتقال: "سحبني من السيارة أفراد من جهاز وقائي الخليل ومكثت في سجنهم 12 يومًا، وكان يتم التحقيق معي على نشاطي داخل الجامعة، إلا أنه في المحكمة كنت أحاكم على أشياء أخرى كتهمة حيازة سلاح!".

تفاصيل التحقيق

يفصح عمرو عن بعض تفاصيل ما دار معه داخل غرف التحقيق قائلًا: "أحدهم سألني: قديش كنتم تعطوا كل طالب صوّت إلكم؟ فقلت له: هذا ليس أسلوبنا، فنحن لا نهتم بالصوت الذي يشترى".

في مكان بمساحة فرشة وبداخلها دورة مياه، عزل الطالب عمرو 23 يومًا؛ بسبب فوز الكتلة الإسلامية بالانتخابات الطلابية في الجامعة، مستذكرًا تلك اللحظات بنبرة قهر: "إنك تعيش لحالك يومًا واحدًا بلا أي تواصل مع العالم الخارجي فهذا صعب، لكن كان سلاحنا القرآن والدعاء".

وخلال اعتقاله لدى وقائي الخليل كان الضباط يستخدمون معه أسلوب الترهيب في أثناء التحقيق، بنقله إلى سجن مسلخ أريحا إذا لم يعترف، حتى أنّ أحد الضباط وصف المحققين وضباط السجن بأنهم "قذرون وعديمو أخلاق".

بعد 12 يومًا من الاعتقال في الخليل نقل عمرو إلى "مسلخ أريحا"، لا يفر من حديثه تفاصيل اليوم الأول، مفصحًا: "استخدموا معي أسلوب الترهيب، سألني الضابط: شو بتعرف عن سجن أريحا؟ فقلت له: كما يصفه الناس المسلخ، فأقر بنفسه ذلك قائلًا: أنت بالمسلخ، إلا إذا اعترفت تتغير الأمور، وكانوا يريدون مني الاعتراف كوني منسق الكتلة الإسلامية عن المصدر المالي وهيكلية الكتلة".

على الرغم من صعوبة حياة الاعتقال، إلا أنّ أصعب لحظة عاشها عمرو كانت الإثنين الماضي، في أثناء حصوله على قرار الإفراج من محكمة الصلح في أريحا، يردف بصوت ممزوج بالأسى: "حضّرت نفسي للمغادرة إلى المنزل، فتفاجأت بسيارة لمخابرات السلطة تقلُّني، بعد أن استفسرت عن السبب قال لي أحدهم: "بدنا نوصلك الخليل، تقلقش، فاكتشفت أنني لن أعود للبيت".

تفكيك لن يتحقق

وتحاول أجهزة أمن السلطة باعتقال عمرو وثلاثة من زملائه في الكتلة، ما زالوا رهن الاعتقال، تفكيك الكتلة بجامعة بوليتكنك الخليل "وهو ما لن يتحقق، لأنّ الكتلة هي في الأصل فكرة مُتجذّرة، وشباب الخليل يحملون الدعوة في قلوبهم وليس من السهل انتزاعها" يضيف عمرو.

عن لحظة الإفراج عنه وتنسُّمه الحرية من جديد، قال بكلمات ممتلئة بالعتاب على أبناء جلدته: "كفى للاعتقال السياسي ولملاحقة الطلاب".

المعاناة ذاتها عاشتها عائلته خلال تلك الأيام، ومرت بظروف صعبة لم تتوقف خلالها عن المناشدة والمطالبة بالإفراج عنه، خاصة أنه تَنقّل بين عدة سجون لأجهزة أمن السلطة.

وصفها والده هشام عمرو في حديث لـ"فلسطين" بأنها "لحظات صعبة تمر عليك وأنت تشعر أنّ ابنك موجود بمسلخ، خاصة أننا لم نزره طوال 23 يومًا، إلا فقط في جلسات المحاكمة وكان عددها ثلاث جلسات".

يتهم أمن السلطة بأنها حاولت تفكيك الكتلة الإسلامية بجامعة بوليتكنك الخليل، بعد التقدم الباهر الذي حققته بحصولها على 19 مقعدًا، وتوجيه تهم ليس لها علاقة بنشاط الطلاب كحيازة سلاح وجمع أموال غير مشروعة.

ما يقهر عمرو الأب، أنّ هذا الاعتقال الثاني لابنه طارق، والذي تزامن مع تقديمه الامتحانات الفصلية النهائية، وفي المرة الأولى خلال الفصل الماضي اعتقل عشرة أيام خلال فترة تقديم امتحانات الفصل الأول، وجرى الإفراج عنه في المرتين بعد انتهاء الامتحانات.

على الرغم من صعوبة ذلك، لم يستسلم الطالب لفوات الامتحانات عليه، واجتهدت في الدراسة ليكمل الطريق، يُعلّق والده: "شعور صعب ما يحدث مع ابني، لأننا نرسله للتعليم وليس للاعتقال لأجل نشاط طلابي"، عادًّا ملاحقته واعتقاله تمييزًا تمارسه أجهزة أمن السلطة في وقت تَوفُّر مساحة العمل كاملة لحركة الشبيبة التابعة لفتح.