تبدأ المقدسيَّة نجوى الشخشير (58 عامًا) يومها بالترحم على ابنتها أمينة التي توفيت في إحدى المستشفيات الإسرائيلية، وتنهيه بالدعاء لابنها محمود بأن يلقى حريته خارج سجون الاحتلال قريبًا.
تعيش هذه السيدة المقدسية فصولاً جديدة من المعاناة والحرمان، فبينما حرمها أطباء إسرائيليون ابنتها قبل بضع سنوات على إثر خطأ طبي وتسبَّبوا بوفاتها، تغيب سلطات الاحتلال ابنها خلف القضبان في ظروف غامضة.
والشخشير البالغة (58 عامًا) من سكان بلدة بيت حنينا شمالي القدس المحتلة، وتعمل سادنة قبَّة الصخرة المشرفة وحارسة في المسجد الأقصى.
وكانت ابنتها أمينة توفيت في مستشفى "بيلنسون" الإسرائيلي ومقرّه مدينة (تل أبيب) بالداخل الفلسطيني المحتل، يوم 19 ديسمبر/ كانون الثاني 2017.
وعانت أمينة من مشكلات صحية في منطقة الرئتين، حسبما أفادت والدتها لـ"فلسطين"، وعندما عرضتها العائلة على أطباء إسرائيليين قدَّموا لها أدوية ساهمت بانخفاض ضغطها بشكل كبير، ما أدَّى إلى عدم قيام بعض أعضاء جسمها بوظائفها الطبيعية.
وأُدخلت نتيجة ذلك إلى غرفة العمليات في مستشفى "بيلنسون" ليعلن عن وفاتها، وترحل تاركة والدتها وشقيقتيْن و5 من الأشقاء من بينهم محمود المعتقل الآن في سجون الاحتلال، وكان أقرب أشقائها إليها.
وبينما لا زالت الأم تفتقد ابنتها في كل تفاصيل حياتها، فهي تحمّل أطباء المستشفى الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن وفاتها.
وأمينة عندما توفيت قبل أزيد من 5 سنوات كانت تبلغ (18 عامًا)، وهي بعمر شقيقها محمود الذي يقبع الآن في زنازين التحقيق بسجن "المسكوبية" شمالي القدس.
وتحمل الشخشير في نفس الوقت سلطات الاحتلال المسؤولية عن حياة ابنها محمود، وقد رأته لأول مرة، أول من أمس، في جلسة محاكمة داخل المحكمة المركزية التابعة للاحتلال في القدس، منذ اعتقاله يوم 5 إبريل/ نيسان الماضي.
ووافق يوم اعتقال محمود الـ14 من رمضان، في أثناء وجوده داخل المسجد الأقصى المبارك بين المرابطين والمعتكفين الذي تصدّوا لاقتحامات قوات الاحتلال ومحاولات تدنيس المسجد.
وفي ذلك الوقت اعتقلت قوات الاحتلال قرابة 450 معتكفًا ومرابطًا ضمن محاولاتها المتكررة لإفراغ الأقصى في رمضان، وأطلق سراحهم لاحقًا ما عدا كل من محمود الشخشير، وعمران البخاري.
اقرأ أيضاً: نجوى الشخشير.. سادنةٌ تدافع عن المسجد الأقصى وروحها "متيمةٌ" به
وتتساءل الشخشير عن السبب الذي يعتقل لأجله ابنها ويمنع ذووه من زيارته أو معرفة أخباره؟
وأضاف وقد بدا القلق واضحًا في كلامها": عندما رأيته في المحكمة للمرة الأولى بعد اعتقاله، فوجئت بحالته، لقد خسر الكثير من وزنه وبدا هزيلاً".
وطالبت بضرورة الإفراج عن ابنها محمود عاجلاً، خاصة أن الاحتلال ليس لديه أي اتهامات موجهة ضدَّه حتى الآن.
وكانت هذه المقدسية وبسبب عملها الممتد منذ عقد ونصف العقد من الزمان بالمسجد الأقصى، تعرَّضت لسلسلة انتهاكات واعتداءات من قوات شرطة الاحتلال، لكن ذلك لم يدفعها إلى التخلّي عن الأقصى رغم تقدّمها في العمر.
وفي مايو/ أيار 2021، كان محمود تعرَّض لاعتداء وحشي من شرطة الاحتلال عندما كان يجلس على كرسي في ساحات المسجد قبل أن يعتقلوه مع أنه لم يشكّل عليهم أي خطر.
وبحسب والدته فإن محمود من عشَّاق المسجد الأقصى ويحب التواجد فيه للصلاة ولقضاء أوقات الفراغ هناك، هذا ما لم يرق للاحتلال، بحسب الشخشير، وتضيف: إن محاولات إبعادنا عن المسجد لن تفلح مهما كلَّفنا من تضحيات.