ماذا يعني فوز الكتلة الإسلامية بمجلس الطلبة في جامعة بيرزيت، ومن قبل في جامعة النجاح بنابلس؟ الإجابة تفضي للحديث عن الشريحة الطلابية الجامعية بصفتها الشريحة السكانية المثقفة الأكثر تفاعلًا مع العمل السياسي، والجدير بالذكر أن الكتل الطلابية في بلدنا تنتمي لفصائل وأحزاب سياسية فلسطينية، فكتلة ياسر عرفات الشبيبة الطلابية هي ذراع فتح الطلابية، وبالتالي ذراع السلطة، وكتلة الوفاء الإسلامية هي ذراع حماس الطلابية، وكتلة القطب الطلابي هي ذراع الجبهة الشعبية، أي إن انتخابات الجامعات ذات بعدين: الأول نقابي، والآخر سياسي، ولا ينفصل أحد البعدين عن الآخر.
إن فوز الكتلة الإسلامية بناء على ما تقدم يعني أن الأغلبية الطلابية والسكانية بشكل عام تؤيد حركة حماس، وتلتف حول المقاومة وحول سياسة حماس، وتتقبل الرؤية الإسلامية والفكر الإسلامي، وترى الفلسفات الأخرى اليسارية والعلمانية بعيدة كل البعد عن الصواب، ولا تناسب المجتمع الفلسطيني بصفته مجتمعًا متدينًا في أصوله وفروعه.
قد أرتاح لفوز الكتلة الإسلامية في الجامعتين، ولكنني لا أشمت بهزيمة فتح، ولكن أدعوها لمراجعة مواقفها وسياساتها، وفلسفتها، وعلاقتها بالسلطة، لأن السلطة فشلت في تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني بحدها الأدنى، وقدمت نموذجًا سيئًا من خلال التنسيق الأمني مع المحتل الغاصب، والشعب الفلسطيني ينظر لمن يتعاون مع العدو أمنيًا نظرة تخوين، وهي نظرة رسختها حركة فتح قبل قيام السلطة في إعدامها المتخابرين مع العدو، وفي إفشالها روابط القرى في الضفة الغربية.
المطلوب من فتح وغيرها من أبناء الشعب قراءة انتخابات الطلاب في الجامعتين قراءة موضوعية، لإحداث مراجعة ذاتية، وأي مراجعة ذاتية ذات مصداقية ومغزى ستكون مفيدة للشعب وللقضية ولأصحابها أيضًا، ومن يستعلي على الحقائق والوقائع ولا يراجع نفسه يكرس خسارته، ويديم تراجعه.
إن فوز كتلة حماس في الجامعتين يعطي مؤشرًا على أنها ستفوز في الانتخابات العامة لو أجريت بنزاهة، وإنّ علم قيادة السلطة بهذه الحقيقة هو ما يقف خلف تأجيلها الانتخابات العامة لإشعار آخر، وإدارتها الأعمال الحكومية دون مجلس تشريعي منذ سنوات عديدة.