تُعدُّ مدينة عكا من أقدم مدن فلسطين، تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتبعد عن القدس 181 كيلومترًا إلى الشمال الغربي، ويعد موقعها إستراتيجيًّا، ساعدها على التبادل التجاري والاحتكاك الحضاري بينها وبين دول أخرى.
تأسست عكا على يد "الجرجاشيين الفينيقيين"، في الألف الثالثة قبل الميلاد، ودعوها باسم "عكو" أي "الرمل الحار"، وتوالى على المدينة في تاريخها الكثير من الحضارات والغزاة.
في عام 16 للهجرة تمكَّن القائد المسلم شرحبيل بن حسنة من فتحها، وأنشأ فيها معاوية بن أبي سفيان عام 20 للهجرة دارًا لصناعة السفن، وانطلقت من المدينة سفن حربية عربية إلى جزيرة قبرص في القرن الـ 18.
حكم المدينة الشيخ طاهر العمر الزيداني وأبناؤه، وهو الذي بنى أسوار عكا الشهيرة، وفي نهاية القرن التاسع عشر حكمها أحمد باشا الجزار.
وفي عام 1799 أفشلت أسوار مدينة عكا زحف القائد الفرنسي نابليون بونابرت وجيشه، وقال بعدها كلمته الشهيرة: "تحطّمت أحلامي على أسوارك يا عكا، سلامًا لا لقاء بعده".
وسقطت عكا في يد القوات البريطانية في 1918، فهبَّ أهلها للدفاع عنها، وكان لهم دور في كل الانتفاضات والمظاهرات والمؤتمرات والثورات الفلسطينية ضد الإنجليز وأعوانهم من "الصهاينة".
اشتهر في المدينة سجن عكا في إثر ثورة البراق، إذ قامت سلطات الاحتلال البريطاني بتنفيذ حكم الإعدام في حقّ ثلاثة من رجال المقاومة الفلسطينية هم: محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير، وكان ذلك يوم 17 يونيو/ حزيران 1930، وأضرحتهم في عكا شاهدة على ظلم المستعمر وإرهابه.
اقرأ أيضًا: تقرير عائلة أبو عيش تعيش مرارة التشريد بعد هدم الاحتلال منازلها في عكا
في مايو/ أيار 1948، سيطرت العصابات "الصهيونية" على عكا بعد عدة معارك ومجازر قامت بها في المدينة وقراها، لترويع السكان العرب وإجبارهم على الرحيل، ومنذ احتلالها تجري سلطات الاحتلال تغييرات في معالم المدينة لإلغاء طابعها العربي، وما زالت تعمل جاهدة لتهويدها.
وكان أغلب سكان عكا قبل النكبة من العرب المسلمين، ومع ارتفاع وتيرة التهجير القسري والاستيطان الذي تعرضت له الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد النكبة، أصبح الفلسطينيون يُشكّلون 35 بالمئة فقط من نسبة سكان المدينة.
وتتعدد المعالم التاريخية في عكا، ومنها سور الجزار، وخان العمدان، والحمامات، والسراي القديمة، والسوق الأبيض، وحمام الباشا، وخان الإفرنج، وقلعة عكا.
كما تشتهر هذه المدينة التاريخية بصناعة الزجاج، والأصبغة، وصيد الأسماك، وصناعة الحلويات، والأطعمة ومنها التمرية كعك الهواري، وطبخ الخراف المحشوة (الأُوزي).
أما عن قرى وبلدات مدينة عكا، فيصل عددها إلى قرابة 60 قرية وبلدة، تخضع جميعها تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي.