فلسطين أون لاين

تقرير "شارع متنقل".. صور تستكشف القرى المهجرة داخل المخيمات

...
"شارع متنقل".. صور تستكشف القرى المهجرة داخل المخيمات
نابلس / غزة – فاطمة الزهراء العويني:

حاول الاحتلال الإسرائيلي تغيير ملامح المناطق الفلسطينية المحتلة منذ النكبة، ولكن معالم كثيرة ظلّت شاهدة على رسوخ الشعب الفلسطيني في أرضه منذ بدء الخليقة".. هذا ما لمسه المصور الصحفي أحمد البظ من نابلس في أثناء تجواله في قرى ومدن فلسطينية مهجرة من شمال فلسطين التاريخية إلى جنوبها.

ترجمة عملية

ترجم البظ جولاته في فلسطين التاريخية بمعرض صور في الشارع في عدة مخيمات للاجئين في الضفة الغربية، في ترجمة عملية لاهتماماته الشخصية بالقضايا الوطنية الفلسطينية ومشاركاته المستمرة في معارض محلية وخارجية بصور لأحداث وطنية فلسطينية.

وجاء معرض "النكبة 75" بجهوده ذاتية ودون تخطيط من أحمد، وتتويجًا لرحلاته الاستكشافية للقرى والمدن الفلسطينية المهجرة منذ عام 1948م التي بدأها قبل عامين حينما حصل على "تصريح إسرائيلي" يتيح له التنقل داخل الأراضي المحتلة.

رأى البظ في حصوله على التصريح فرصة ذهبية للذهاب للقرى والمدن المهجرة التي طالما سمع عنها في مسيرته التعليمية والنصوص الأدبية للشعراء والأدباء الفلسطينيين، ومن جدته المهجرة من مدينة بيسان، فاتفق مع عدد من أصدقائه بأن تكون لهم رحلة أسبوعية لأحد تلك الأماكن.

وكان الهدف من تلك الرحلات "التعلم الذاتي" حتى زار قرابة 200 قرية ومدينة مهجرة، وقد ساعدته مهنته الصحفية على التقاط صور فوتوغرافية بواسطة كاميرا صغيرة لتلك الأماكن حتى أصبح لديه أرشيف مصور ضخم وظفه لإحياء ذكرى النكبة الخامسة والسبعين.

وبعد نقاش مع أصدقائه اهتدى لفكرة تنظيم معرض "شارع متنقل" فاختار ثلاثين صورة وطبع منها عدة نسخ، ثمّ ألصقها على جدران 17 مخيمًا للاجئين بالضفة ومدينتين وقرية، لتكون مزارًا لأهل المنطقة للتعرف على الأماكن التي هجروا منها.

أين قرانا؟

وحيثما حلّ البظ كان سؤال الأطفال ولومهم له عن عدم وجود صور لقراهم، ليخبرهم بأنه انتقى عددًا من الأماكن التي زارها، لصعوبة وضع كل الصور في معرض في الشارع، "هذه التساؤلات أشعرتني بأنني استطعتُ تحريك بعض من الوعي الفلسطيني بقضيتنا العادلة".

يقول عن مشاهداته في تلك القرى: "كان التعرف في البداية على معالم القرى والمدن المهجرة صعبًا لكن بالبحث عبر الإنترنت عن صور مماثلة التقطها مصورون واتباع الخرائط، وصلتُ لأماكن عدة".

فالأماكن المهجرة تنقسم إلى ثلاثة أقسام، أولها: أماكن مسحتها آلة الحرب الإسرائيلية ولم يسكنها المستوطنون وظلت فارغة، والثانية، مستوطنات أقيمت على أنقاض القرية الأصلية ومن الاعتيادي أن تجد بداخلها مقبرة إسلامية أو مسجدًا، وثالثها قرى بقيت على حالها وبنائها الأثري القديم وتغير سكانها فقط.

يقول البظ: "قرية دير ياسين -مثلًا- ما زال المشفى القديم فيها قائمًا أما في عسقلان فالبلدة القديمة لا تزال قائمة، وفي أسدود ما زالت المدرسة على حالها، أما في قرية الجورة فهناك مقام إسلامي ما زال يذكر الزائر بأهل الأرض الأصليين".

ويضيف: "أما في قرية "إجزم" قضاء حيفا فلا تزال القرية قائمة ببناياتها الأثرية وما تغير أنه قد سكنها مستوطنون يهود"، مبينًا أن "النكبة" تبقى في مخيلة من لم يعايشها مجرد تخيلات لكنها لا ترقى لأرض الواقع حيث نجد أن بلدنا فلسطين كانت لا تقل تقدمًا عن أي عاصمة عربية شهيرة في حينه.

ومضى البظ بالقول: "التجوال في الأماكن المهجرة يعطي المتجول فكرة عن حجم الخسارة الكبيرة التي أصابت شعبنا، فهناك مدن وقرى وحياة وحركة زراعية وصناعية متطورة، كان لنا مطار فلسطيني، وقطار يربط فلسطين من شمالها لجنوبها، بمصر وحتى الحجاز".

لا تنازل

ولاقت فكرة المعرض الذي أقامه البظ استحسان جهات عدة تواصلت معه وطلبت منه إرفادها بالصور لتستخدمها في إحياء ذكرى النكبة في بريطانيا والأردن وفي مخيم مار إلياس في لبنان، مبديًا استعداده لتزويد أي جهة تريد إحياء النكبة الفلسطينية بما يملكه من أرشيف.

وتجد القضايا الوطنية في نفس "البظ" موقعًا كبيرًا إذ يزعجه التحول في اللغة السياسية الفلسطينية واقتصار الدولة الفلسطينية المنشودة على الأراضي المحتلة عام 1967 (الضفة وغزة) وعدم التطرق للأراضي المحتلة عام 1948 والذي كان سببه اعتراف منظمة التحرير بـ(إسرائيل) ما أثّر سلبيًّا على الوعي الشعبي الفلسطيني.

ويشدد البظ على أن القرى والمدن المحتلة من 1948 جميعها فلسطينية ويجب استعادتها وألا نرسخ في وعي الأجيال القادمة أنه يمكن التنازل عنها".