تأخذ من معنى الكلمة كلّ الحقيقة، نعم إنها نكبة، نكبة شعب وأمّة، واستقرار، نكبة حقوق، ونكبة استقرار، نكبة حياة، تفاصيل كثيرة تعيدها ذاكرة أمّة اليوم الخامس عشر من أيار، يوم النكبة الفلسطينية، هذا المصطلح الذي رأى الفلسطينيون أنه يلخص وجعهم عندما تم تشريد أعداد كبيرة منهم خارج ديارهم وبيوتهم عام 1948 السنة التي سرق فيها بيوت وأراضي الشعب الفلسطيني وخسر وطنه، لتقام دولة الاحتلال الإسرائيلي على أرض ليست أرضهم واضعين تاريخا كاملا خلف ظهرهم.
في هذا التاريخ تم تهجير ما يربو على 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، ليس هذا فحسب إنما عاش الفلسطينيون جرائم حرب وعشرات المجازر والفظائع وأعمال السلب وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسة وتحويلها إلى مدن يهودية، وتهجير معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية، لينام الفلسطينيون على وطن ويصحون على ألم وقهر وظلم وها هو يزداد ويكبر ليصل اليوم لعامه الـ(75).
(75) عاما، وما تزال فلسطين عربية والفلسطينيون أكثر تشبثا بالأرض وبحقوقهم، وما يزال الحق الفلسطيني حاضرا فلسطينيا وأردنيا وعربيا، وما تزال النكبة عنوانا للتحدي والإصرار، ففي اختيار كلمة نكبة لهذه المناسبة تعبير حقيقي لما عاشه ويعيشه الفلسطينيون حتى اللحظة من ويلات هذا اليوم وتبعاته التي لم تكن يوما سوى أكثر عنفا وانتهاكا واستيطانا واستيلاء، فيما يكبر مع كل هذه السلبيات وهذه الأوجاع يكبر الحلم والإصرار ودائرة النضال تتسع أملا بالحرية والسلام وعودة الأرض والحق لأصحابه.
وهذا العام إحياء ذكرى النكبة مختلف على مستوى العالم، وفي ذلك تأكيد أن القضية ما تزال حيّة بل وتزداد سعيا في درب الحرية، حيث تحيي الأمم المتحدة ذكرى النكبة بفعالية رسمية، في مقر الهيئة الدولية في نيويورك، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1948، وكانت قد صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار مؤيد للفلسطينيين لإحياء ذكرى النكبة في الأمم المتحدة، بأغلبية 90 صوتا مقابل 30 معارضا في حين امتنعت 47 دولة عن التصويت على المبادرة، سنون تمضي، لكن الحلم يبقى راسخا، لا يتغير ولا يغيّر مساره، مهما زاد حجم الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية، ومهما زاد عدد أيام "النكبة" فإن زمن الحرية يبدأ عند الفلسطينيين ، فزيادة أيامها لا يبعد الفلسطينيين عن حلم الحرية، وعودة الوطن، لا ينسون أمسهم، ولا يسقطون حلمهم بالعودة، فما النكبة سوى تاريخ يقرّبهم من أمل العودة والحرية، وزيادة إصرارهم على النضال ومواصلة طريق الحرية والصمود والمقاومة، فما هذه المناسبة سوى ذكرى تشحذ همم الفلسطينيين وكل الباحثين عن الحرية لمزيد من النضال والسعي لتحقيقه.