كحال جميع القطاعات في غزة، تجمّد النشاط الرياضي خلال فترة العدوان الصهيوني الأخير على غزة وسكانها، والذي تسبب في ارتقاء "33" شهيدًا وإصابة قرابة 200 مواطن بينهم أطفال ونساء، في ظل غياب الدعم الدولي لمنع جرائمه في غزة، والتي واصلت مقاومتها إبهار العالم بقدرتها على الصمود وعلى كسر معادلة الردع "الإسرائيلية"، وعلى توجيه ضربات مؤلمة لجيش العدو الصهيوني.
المثير للاستغراب في هذا العدوان وما سبقه هو عدم قيام القائم على الملف الرياضي الفلسطيني بتوجيه تعليماته بتجميد النشاط والفعاليات الرياضية في الضفة الغربية المحتلة احترامًا لدماء الشهداء، حيث أصر على مواصلة النشاط الرياضي بشكل يومي وطبيعي دون أيّ إشارة أو استثمار لتلك الأنشطة لدعم صمود غزة وسكانها في وجه الاحتلال وترسانته العسكرية التي لا تُفرّق بين كبير أو صغير.
توقف تام للرياضة في غزة
فمع الساعات الأولى لبدء الاحتلال عدوانه على غزة، أعلن عبد السلام هنية الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للرياضة، تجميد النشاط الرياضي في غزة حتى انتهاء العدوان، حيث التزم اتحاد كرة السلة بالقرار وقام بتأجيل موعد نهائي الدوري، إلى جانب تجميد منافسات بطولة الدرجة الأولى لكرة السلة، ونفس الشيء فعله اتحاد كرة الطاولة.
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل تجمدت الحياة الرياضية بشكل تام على مستوى الأندية في غزة، والتي بدأت بشكل فعلي تحضيراتها لانطلاق الموسم الجديد ليوقف العدوان كل شيء وفي مقدمته سوق انتقالات اللاعبين، فيما تعرّض الرياضيون للكثير من الأضرار، حيث تم قصف بيت زكريا الكفارنة رئيس نادي بيت حانون الأهلي، الذي نجا هو وعائلته من الموت.
كما تعرّض منزل حسن عرام لاعب خدمات خانيونس السابق لأضرار كبيرة بعد استهداف أحد الشقق السكنية المجاورة له في مدينة حمد، وتعرّض منزل سعدي المصري لاعب نادي الصداقة لكرة الطائرة جلوس للدمار الكامل عقب استهدافه من الطائرات الحربية وأصبح هو وعائلته دون مأوى.
الرياضة مستمرة في الضفة
في مقابل كل ما تعانيه الرياضة الفلسطينية في غزة خلال تكرار هجمات الاحتلال عليها، إلا أنّ هذا الأمر لم يجد أيّ صدى في الحياة الرياضية بالضفة الغربية، حيث صمّ المسؤولون عنها آذانهم وأغلقوا عيونهم عما يحدث لأشقائهم.
ولم يعط اتحاد الكرة برئاسة الفريق جبريل الرجوب، تعليماته للمنتخبين بأهمية ارتداء شارة سوداء حدادًا على أرواح الشهداء في غزة، لتتبخّر التصريحات التي لطالما أدلى بها الرجوب، والتي كان يردد دائمًا بأنّ الرياضة تُعدُّ رسالة هامة لنقل معاناة الشعب الفلسطيني من ويلات الاحتلال.
حتى أثناء زيارة وفد من المسؤولين في الاتحاد العربي والدولي لكرة القدم لمدينة بيت لحم، لم يتطرق الرجوب خلال كلمته لما جرى في غزة ولم يستثمر وصول وفد رفيع المستوى لفلسطين ونقل ما تعانيه الرياضة في غزة ومنع خمسة من اللاعبين من الوصول إلى الضفة والمشاركة في المباراة التي حضرها الوفد.
كذلك، لم تستثمر اللجنة الأولمبية الفلسطينية فعاليات إحياء ذكرى النكبة بالشكل المناسب، بل شهدت تلك الفعاليات غيابًا تامًّا لكل ما يدور من عدوان على أشقائهم في غزة رغم أنّ تلك الفعاليات لم تتمكن اللجنة في غزة من إقامتها بعد قرار انطلاقها في توقيت موحد، لتنطلق في الضفة دون أيّ اعتبار للمشهد في الجانب الآخر من الوطن.
اتحاد كرة السلة لم يختلف موقفه عن اتحاد كرة القدم واللجنة الأولمبية ولم يعر دماء الشهداء في غزة أيّ اهتمام، واستمر في مسابقاته المتنوعة بالضفة دون أيّ اعتبار، حتى إنه لم يتخذ موقفًا إيجابيًّا بانطلاق المباريات بارتداء شارة سوداء لتنهال التعليقات على الصفحة الرسمية للاتحاد مثلما حدث مع صفحتي اتحاد القدم والأولمبية وسط انتقادات لاذعة من المعلقين على تلك المواقف السلبية التي تجدها غزة في كل مرة تتعرض فيها للعدوان.
الجماهير العربية تنتصر لغزة
في المقابل، لم تقف جماهير كرة القدم العربية صامتة أمام تلك المشاهد الإجرامية للاحتلال بحقّ المواطنين في غزة، وانتصروا لها دعمًا لصمودهم أمام ترسانة الحرب.
جماهير نادي الوحدات الأردني التي اعتادت على الهتاف باسم فلسطين في كل وقت وحين، استثمرت مباراة فريقها أمام فريق سحاب في بطولة درع الاتحاد الأردني وعبّرت عن تضامنها مع غزة.
وردّدت جماهير الوحدات هتافات نصرة لغزة مثل "غزتنا غزة أحرار والأحرار اللي فيها.. مهما الغاصب ولّع النار.. ما تُطفئ الثورة اللي فيها"، وهتفت أيضًا "يا غزة ما أغلي ترابك.. كل العالم أحبابك".
أما جماهير نادي الوحدة السوري فرفعت لافتة كبيرة في مباراة فريقها لكرة السلة، والتي كُتب عليها: "أول العرب هم الفلسطينيون وآخر العرب هم الفلسطينيون، وبينهما لا يوجد أحد.. يوم العودة".
كذلك لم ينقطع نادي بالستينو في تشيلي عن عاداته في دعم فلسطين حيث ارتدى لاعبو الفريق الكوفية الفلسطينية أثناء نزولهم إلى الملعب قبل مباراتهم في الدوري التشيلي، ونشر النادي مقطع فيديو للاعبين على حسابه الرسمي على "تويتر"، والذي وجد تفاعلًا كبيرًا من الجماهير التشيلية.