ما حصل في هذه الجولة التي بدأها الاحتلال الصهيوني بعملية اغتيال جبانة لقادة السرايا، وما تبعها من أداء المقاومة الفلسطينية الباسلة وعلى رأسها سرايا القدس ضد جيش الاحتلال في الأيام الخمسة من العدوان ليؤكد عدة معاني:
أولًا: الصورة المشرفة التي ظهرت فيها المقاومة الفلسطينية عبر الغرفة المشتركة وإطلاق اسمٍ موحدٍ للمعركة "ثأر الأحرار"، وهذا الإنجاز لم يكن إلا من قيادة المقاومة الواعية والموحِدة لجميع الفصائل وإسناد أبطال سرايا القدس في رد العدوان والدفاع عن أبناء شعبنا، وتفويت الفرصة على الاحتلال الذي يسعى دومًا للاستفراد بكل فصيل وبث بذور الفتنة بين رفقاء الدم والسلاح.
ثانيًا: بدأت حكومة الاحتلال هذا العدوان من أجل مصالح داخلية أهمها المحافظة على تماسك حكومة نتنياهو المفككة، وتحسين شعبيتها المتراجعة، وهو بالتالي لم يتحقق، إذ بدأت أصوات الصهاينة تعلو من جديد بفشل حكومة الاحتلال في تحقيق أهدافها المتمثلة بردع المقاومة وجلب الهدوء لمستوطنات الغلاف، إذ أدخلت المقاومة مدنًا جديدةً تحت دائرة الاستهداف وصلت القدس و(تل أبيب) وما حولهما.
ثالثًا: الحاضنة الشعبية للمقاومة والمتمثلة بدعم الشارع الفلسطيني لها ووقوفهم في وجه الاحتلال، بالرغم من جميع المحاولات التي سعت إلى التفريق بين الشعب الفلسطيني ومقاومته، إلا أن شعبنا أثبت أنه يثق بمقاومته ويسندها لأنه يرى فيها أملًا لاستعادة الحرية والكرامة، والوقوف مع عوائل الشهداء والمصابين الذين قدموا الكثير من أجل الانعتاق من نير الاحتلال.
رابعًا: حجم المناصرة لشعبنا الفلسطيني سواء من وسائل الإعلام أو الشعوب العربية أو الإسلامية أو أحرار العالم الذين وقفوا بجانب القضية الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم، ما جعل القضية الفلسطينية تحتل مركز الصدارة من جديد وهو الذي دفع الحكومات للتحرك لوقف العدوان الصهيوني على شعبنا.
خامسًا: كشفت المعركة هشاشة دولة الاحتلال من عدة نواحي: أولها زيف المقولة التي تدعي أن جيش الاحتلال لا يقهر وأنه القوة الأولى في المنطقة، إذ ظهر مرتبكًا غير قادر على حماية جنوده ومستوطنيه من ضربات المقاومة، عدا عن الشلل التام الذي أصاب معظم دولة الاحتلال بفعل الصواريخ المنهمرة من قطاع غزة، كما أظهرت المعركة زيف القبة الحديدية التي لم تمنع وصول الصواريخ إلى أهدافها، ولم يستطع المس بقدرة المقاومة التي استمرت في دكّ جنوده بالقذائف والصواريخ حتى آخر لحظة.
مما تقدم يؤكد لنا وللجميع أننا كفلسطينيين نستطيع انتزاع حقوقنا من المحتل وذلك بوحدتنا أولًا والتفافنا حول المقاومة وتمسكنا بثوابتنا وجعلها عنوان الصراع في كل المواجهات القادمة.