فلسطين أون لاين

شُيّع في جنازة كبيرة شاركت فيها جميع الفصائل

تقرير "إياد الحسني".. 30 عامًا من المطاردة تُوِّجَت بالشهادة

...
الشهيد القائد إياد الحسني
غزة/ أدهم الشريف:
  • شقيقه لـ "فلسطين": لن تسقط الراية مهما استشهد قادة وجند فدماؤهم وقود لتحرير فلسطين

عندما تدخل أطراف مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، تدرك جيدًا مدى الحزن الذي يهيمن على الجميع هناك، بعد جريمة الاغتيال التي نفّذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وطالت القيادي البارز في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي إياد الحسني.

واستُشهد الحسني ومعه مرافقه محمد عبد العال، وهما من سكان مخيم الشاطئ، في إثر استهداف مباشر لشقة سكنية في حي النصر، مساء الجمعة الماضية، لينال هذا الرجل الشهادة بعد أعوام طويلة قضاها في مطاردة الاحتلال. 

وقد حظي الحسني بأهمية كبيرة في العمل العسكري لسرايا القدس منذ عقود، وكان مسؤولًا عن تنفيذ مهام حساسة جعلته على قائمة أبرز المطلوبين للاحتلال.

من يكون الحسني؟

وُلد الحسني المُكنَّى بـ"أبي أنس"، في مخيم الشاطئ، في الأول من مارس/ آذار 1971، حيث استقرت عائلته بعد تهجيرها من قرية حمامة في الداخل الفلسطيني المحتل إبَّان نكبة 1948، كما يفيد لـ"فلسطين" شقيقه سعيد الحسني.

وقد أنهى دراسة دبلوم التعليم قبل أن ينضم إلى حركة الجهاد الإسلامي والعمل المقاوم في سنٍّ مبكر، ليشغله ذلك عن إكمال دراسته.

وأضاف شقيق الشهيد: إنّ "الحسني كان مفكرًا ومعلمًا بل مدرسة بحد ذاته، وقد تمنى الشهادة وأن يكون أشلاءً، واستجاب الله له".

وتابع حديثه لـ"فلسطين" خلال مراسم تشييع شقيقه ومعه مرافقه عبد العال: أنّ الحسني أمضى 30 عامًا في مقاومة الاحتلال، لم يطارده الاحتلال، بل إنه هو من كان يطاردهم".

وأكمل: "أرسل لهم الاستشهاديين، كان يقاتل ويُجنّد في نفس الوقت، شكّل مدرسة أنبتت زرعها في سرايا القدس وغرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة، والتنسيق مع كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة حماس.

وقد كان الحسني أيضًا، وفق شقيقه "شخصية محبوبة جدًّا عند الأقارب والجيران، ولم يُقصّر يومًا مع أحد، وهو مُقرّب من جميع الفصائل، وصاحب نهج وطني عالٍ، وبوصلته فلسطين فقط، لقد أفنى حياته في سبيل الله ومن أجل تحرير فلسطين".

لكن على الرغم من الحالة التي كان فيها شقيق الشهيد الحسني حزنًا على فراقه، إذ كان بالكاد قادر على إخراج كلماته؛ قال بملء الفم: "لن تسقط الراية مهما استشهد من القادة والجند، فدماء هؤلاء هي وقود تحرير فلسطين".

وفقدت عائلة الحسني المُهجّرة ابنها البالغ (52 عامًا)، في الذكرى الـ 75 للنكبة، والتي تصادف 15 مايو/ أيار من كل عام، ويحييها في مثل هذه الأيام الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.

اقرأ أيضًا: من هو القائد في سرايا القدس الشهيد إياد الحسني؟

أما رغد ابنة الشهيد الحسني، انفجرت حزنًا وغضبًا وهي تُودّع والدها، وخاطبته "حبيبي يا بابا، أنت روحي".

وأضافت لـ "فلسطين": "30 عامًا لم يتمكنوا من اغتياله، سنحافظ على رسالته ومسيرته".

والشهيد له اثنين من الأبناء، وأربع بنات.

عقود من المقاومة

وقد برز دور الحسني بالعمل المقاوم في الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، إذ إنه شارك في أعمال المقاومة خلال انتفاضة الحجارة التي اندلعت في ديسمبر/ كانون الأول 1987، وفق شقيقه.

وتدرّج في مناصب قيادية بارزة في السرايا شارك خلالها في إعداد الجند والإشراف على عمليات فدائية آلمت الاحتلال ومستوطنيه، وتطوير القدرات العسكرية للسرايا، وإدارة المعارك التي تخوضها المقاومة ردًّا على جرائم الاحتلال وانتهاكاته في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويُنسب إلى الحسني أنه أحد مؤسسي الجهاز العسكري لحركة الجهاد، وكانت تُعرف باسم "القوى الإسلامية المجاهدة (قسم)" إلى جانب محمود الخواجا أول قائد عام لـ"قسم" الذي اغتاله الاحتلال بغزة في 22 يونيو/ حزيران 1995.

ويتهم الاحتلال الحسني بأنه أحد القائمين على عملية استشهادية مزدوجة، نفّذها الاستشهاديان أنور سكر وصلاح شاكر في "بيت ليد" شرق مدينة طولكرم، بتاريخ 22 يناير/ كانون الثاني 1995، وأدّت إلى مقتل 22 جنديًّا في جيش الاحتلال، وإصابة أكثر من 60 آخرين.

كما يُنسب إليه الإشراف على عملية الفدائي رامز عبيد بتاريخ 4 مارس/ آذار 1996، ردًّا على اغتيال الأمين العام للجهاد فتحي الشقاقي، نفّذ عبيد عملية استشهادية بشارع "ديزنغوف" في (تل أبيب) قتل خلالها 13 إسرائيليًّا وأُصيب 120 آخرون.

وبعد اغتيال الحسني ادّعى جيش الاحتلال أنه كان خليفة لخليل البهتيني قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس بغزة، والذي اغتيل أيضًا فجر الثلاثاء الماضي.

اقرأ أيضًا: سرايا القدس تنعى الشهيد القائد إياد الحسني

وفرض اغتيال الحسني ومرافقه أجواءً غير اعتيادية على المواطنين في قطاع غزة، وخاصة لدى ذويه وجيرانه وسكان مخيم الشاطئ عامة.

وهيمن الحزن بقوة على ذوي الشهيد خلال وداعه في جنازة مهيبة انطلقت من مجمع الشفاء إلى منزله بمخيم الشاطئ لإلقاء نظرة الوداع، قبل نقله إلى مسجد عسقلان في المخيم، ومن ثم أداء الصلاة على جثمانه ومرافقه عبد العال في ساحة دوار أبو يوسف القوقا غرب مدينة غزة، قبل أن يُواريا تحت الثرى في مقبرة الشيخ رضوان بمشاركة جميع القوى الوطنية والإسلامية.

استمرار المعركة

وقال القيادي في حركة الجهاد خميس الهيثم: إنّ "الاحتلال واهم إن ظنّ أنه باغتيال قادة السرايا سيكسر المقاومة ويوقفها".

وأضاف الهيثم لـ "فلسطين" خلال جنازة تشييع الشهيدين الحسني وعبد العال: إنّ "دماء القادة وقود المقاومة نحو مواصلة طريق الجهاد وتحرير المقدسات".

وقال أحمد أبو شنب، من جيران وأصدقاء الشهيد الحسني: لقد كان إنسانًا صاحب خلق رفيع، يحبه الجميع.

وأضاف أبو شنب لـ "فلسطين: أنّ الحسني أمضى حياته في النضال ضد الاحتلال ينتمي لعائلة مناضلة.

أما محمد حسنين من سكان مخيم الشاطئ، قال لـ"فلسطين" خلال الجنازة: إنّ "الاحتلال الغاشم سرق منا أفضل أشخاص عشنا معهم ونعرفهم جيدًا، على فصائل المقاومة أن تجلب الويلات للاحتلال بعد جرائم الاغتيال التي طالت الحسني وغيره".