فلسطين أون لاين

تقرير هدم البيوت وترويع الآمنين أهداف الاحتلال في عدوانه على القطاع

...
إحدى البنايات التي استهدفها الاحتلال في عدوانه على غزة (تصوير/ محمود أبو حصيرة)
غزة/ جمال غيث:

بدت ملامح الخوف الشديد ظاهرة على وجه الطفل عبد الرحيم خشان 8 أعوام، بعد القصف الإسرائيلي الذي طال شقة سكنية مجاورة لمنزله في حي الرمال وسط مدينة غزة، فجر أمس.

ولا يزال مشهد القصف وصراخ الآمنين في منازلهم، والدخان الكثيف الذي ملأ المكان ماثلًا أمام الطفل خشان، الذي بدا مضطربًا وهو يخبر مراسل صحيفة "فلسطين" عن المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال من جراء استهداف العمارة السكنية المُطلّة على منزله من الناحية الشمالية.

واغتالت طائرات الاحتلال الإسرائيلي فجر أمس، ثلاثة من قيادات حركة الجهاد الإسلامي بعد استهداف عدة منازل في مدينة غزة ورفح جنوبي القطاع بغارات جوية، أسفرت عن ارتقاء 13 شهيدًا وإصابة 20 مواطنًا بجراح مختلفة حتى اللحظة، بحسب إحصائية صادرة عن وزارة الصحة بغزة.

مشهد مؤلم

وقال خشان: "كنت نائمًا وسمعت صوت انفجار شديد هزّ المكان فصحوت، على مشهد نار ينبعث من العمارة المقابلة لغرفتي، وتطاير زجاج النوافذ والدخان يملأ المكان لدرجة أني شعرت بالاختناق والخوف الشديد".

وأشار إلى أنّ والده وشقيقاته الثلاث بدأن يصرخن بصوت مرتفع من شدة الخوف ووالده أخذ يبحث عنه ليجده على سريره، ليخرجوا مسرعين منه خشية استهداف المكان من جديد أو إصابتهم بمكروه. 

 وأضاف: إنهم خرجوا من المنزل بصعوبة شديدة بسبب تناثر الزجاج والحجارة في المكان، وصرخات النساء والأطفال وخروج المواطنين من منازلهم إلى الشارع للبحث عن مكان آمن يحميهم من القصف.  

وعلى مقربة من الطفل خشان، بدأ سكان عمارة الأقصى المطلة على عمارة الدولي (1) التي استُهدفت من الاحتلال وأسفرت عن استشهاد الأسير المحرر والمبعد إلى القطاع طارق عز الدين، وطفلَيه ميار وعلي، وطبيب الأسنان جمال خصوان، وزوجته ونجله يوسف طالب الطب في جامعة الأزهر بغزة، بتفقد منزلهم. 

مبنى مدمر

وأخذ الخمسيني عبد الكيلاني، الذي يقيم في العمارة السكنية المقابلة للمبنى المستهدف، يزيل بعض قطع الزجاج والحجارة التي تناثرت في المكان تمهيدًا لخروجه وأسرته من المنزل بعد الضرر الذي طاله من جراء القصف.

وقال الكيلاني: إنّ سكان العمارة التي يقيم بها والمكونة من خمسة طوابق كانت تضم 20 أسرة مكونة من 120 فردًا بدأوا مع صباح أمس، مغادرتها نظرًا لصعوبة العيش فيها بعد الضرر الذي خلّفه قصف الاحتلال. 

وأضاف: إنّ الشقق السكنية الشمالية المُطلّة على منزل الشهيدين عز الدين، وخصوان، تضرّرت بشكلٍ كبير جدًّا وبات يصعب العيش بها؛ لذلك قرّر سكان العمارة مغادرتها لحين صيانتها".

وأشار إلى أنّ زوجته وأولاده الثلاثة انشغلوا منذ ساعات الصباح الباكر بجمع أغراضهم للانتقال للعيش في منزل آخر، ومحاولة تجاوز حالة الرعب والخوف التي سيطرت عليهم فجر أمس.

ولا يزال مشهد القصف عالقًا أمام الطفل علي الجعفراوي (16 عامًا) الذي يقيم في العمارة المقابلة للمبنى المستهدف من الناحية الشرقية، قائلًا: "إنّ مشهد القصف وصرخات المواطنين لم تفارقني منذ لحظة الاستهداف".

وأشار الجعفراوي لصحيفة "فلسطين" إنّ شعور الخوف سيطر على أفراد أسرته البالغ عددهم ثمانية أفراد بسبب شدة القصف وقربه من منزله".

اقرأ أيضًا: تحليل بعد عدوانها على غزة (إسرائيل) تترقب ردَّ "حماس"

ولفت إلى أنه وإخوته في أثناء هروبهم من منزلهم سقطوا أرضًا أكثر من مرة بسبب الدخان الذي ملأ المكان والحجارة التي تناثرت في الشارع والتي خلّفها القصف.

وأضاف: أنه بمجرد بزوغ النهار حتى تكشَّف الأمر ليصدم بما رآه أمامه فالطابقَين الخامس والسادس من العمارة المقابلة دُمّرت كليًّا، كما وطال الضرر جميع المنازل والعمارات السكنية القريبة من مكان الاستهداف.

نية مبيتة

ووصف المحامي أديب الربعي، وهو أحد سكان عمارة الدولي (1) والتي أقام بها الشهيدان عز الدين وخصوان، المجزرة الإسرائيلية بالمؤلمة.

وقال الربعي الذي يعيش وأسرته في الطابق الثالث من العمارة المستهدفة، لمراسل صحيفة "فلسطين": إنّ سلطات الاحتلال ارتكبت مجزرة لا توصف، مؤكدًا أنّ حجم الدمار الهائل الذي أحدثه القصف يؤكد وجود نية مُبيّتة لهدم المبنى بالكامل.

وأضاف: أنّ المشهد وأصوات القصف كانت مرعبة جدًّا، وكان الخوف ظاهرًا على النساء والأطفال والشيوخ في أثناء هروبهم من العمارة السكنية، وتابع "لا أدري كيف هربنا، وكيف نجونا من الموت".

وبيّن أنّ القصف على العمارة التي يقيم بها وأسرته المكونة من ثمانية أفراد، تسبّب في تهجير سكانها البالغ عددهم قرابة 80 فردًا يقيمون في 22 شقة سكنية، بسبب الأضرار التي تعرضوا لها.