فلسطين أون لاين

"طباخ الغرفة".. عرض مسرحي عابر لمكان وزمان السجن

...
طباخ الغرفة
القدس المحتلة-غزة/ مريم الشوبكي:

لكل غرفة في السجن طباخ يعين نفسه، أو يُزكى من شركائه في الغرفة، يتمتع بقدرة عجيبة على صنع طبق يشبه الأصلي بمكونات قليلة جدًا، وبأدوات طبخ شبه معدومة، ولكنه ينجح في النهاية في إسعاد الأفواه الجائعة التي تحنّ إلى تذوق أطباق أمهاتهم.

صناعة الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي هي مقاومة يناضل من أجلها الأسرى، ويخوضون معارك ضارية مع الإدارة، كل هذه المعارك يتناولها العرض المسرحي "طباخ الغرفة" بإبداع من فناني "تعاونية البسطة"، ويجوبون بها عدة مدن فلسطينية، ودولية.

الطبخ في السجون

يبين مؤسس ومشرف فني مسرح البسطة حسام غوشة أن العرض المسرحي "طباخ الغرفة" يركز أساسًا على الطبخ في سجون الاحتلال الإسرائيلي، والإبداع في إعداد الأطباق، ولحظات الانتصار التي يسجلها الأسرى باحتفائهم بنجاح صُنع الأطباق.

ويوضح غوشة لـ"فلسطين" أن طباخ الغرفة، "معرض وعرض تفاعلي مقسم لثلاث غرف في كل غرفة يُعد نوع من الحلويات التي تعرفها السجون منها الكنافة، والمعمول، والبوظة".

ويشير إلى أن "طباخ الغرفة" يتناول قضية التحكم بالغذاء، وكيف يكون الطعام وسيلة للمقاومة، بعد رحلة بحث طويلة بدأت منذ عام 2019م.

ويلفت غوشة إلى أن عرض "الغرفة" هذا العام يركز على طعام الأسيرات في سجن الدامون، إذ عقدت لقاءات، ومشاركات حيَّة مع الأسيرات السابقات سجلن شهادتهن بشأن تاريخ الوصفات وتناقلها، وعن دفتر الوصفات الموجود في القسم، وتفاصيل أخرى كقوالب المعمول التي أدخلنَها المرابطات.

ويذكر أن العرض الأول قُدِّم في 27 من نيسان/أبريل الماضي في مركز خليل السكاكيني برام الله، ضمن مهرجان زهر القندول وهو يُعنى بموضوع السيادة على الغذاء، ويركز على النباتات البرية في فلسطين.

وينبه غوشة إلى أن طباخ الغرفة سيستمر عرضه في مركز خليل السكاكيني، وسيُتاح هذا العرض للمُحررين للمشاركة فيه، والبوح بقصصهم في إعداد الأطباق.

تفاصيل عابرة للمكان

وبحسب غوشة فإن عرض "طباخ الغرفة" جزء من سلسلة عروض "الغرفة" التي أطلقها مسرح البسطة في عام 2020، التي تسلط الضوء على قضايا مختلفة للأسرى السياسيين في العالم، ومنها قضايا الفلسطينيين، كان منها عروض غرفة 26 تتناول التعذيب في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

ويقول غوشة: "عروض الغرفة تدل على الغنى الموجود في هذا المكان، وحجم النضال الذي قادته الحركة الأسيرة على من أجل الحفاظ على أمور نراها بسيطة من الخارج، ولكنها مهمة جدًا لدى الأسرى كالاحتفاظ بملعقة، أو بكوب".

ويردف: "وبالغرفة يستطيع الأسرى تطوير العديد من الأطباق، والوصفات التي نطلق عليها عابرة للزمان والمكان، يتناول العرض الأحاديث التي تدور بشأن الأكل، وإعداد الطعام، والذكريات، والاحتفال بأعياد ميلاد لأسير، أو أسيرة، أو بالإفراج عن أحد الأسرى، أو الاحتفال بالعيد".

رسائل

ويتابع غوشة: "العمل يحمل رسائل واسعة أبرزها تسليط الضوء على حياة الأسرى، واستهدافهم والتحكم بغذائهم، ومعاناتهم في ظل ما نعيشه بعد استشهاد الأسير خضر عدنان بعد 86 يومًا من الإضراب عن الطعام". 

ويؤكد أن الفن دوره يتلخص في خدمة قضايا مجتمعية، إذ يعكف ممثلو "البسطة" بالمسرح على تقديم صور جديدة لثقيف الجمهور، وتمكينه بأدوات جديدة تُوظَّف في خدمة القضايا الإنسانية العادلة، وعلى رأسها قضية الأسرى الفلسطينيين.

و"مسرح البسطة" تعاوني فني انطلق من القدس عام 2015م، بمبادرة مجموعة من الشباب والناشطين، والمجتمعين، والفنانين، يسعى أساسًا لتقريب الفن من الناس، بطرح مواضيع يعايشها المجتمع في الحياة اليومية، وتقريب الفن من النشاط السياسي، والاجتماعي.

ويتنقل "المسرح" بين القدس ورام الله، والداخل والخارج، من أجل التغلب على التشرذم، والتفكك للعمل مع أكثر من جهة، وأكثر من مكان، بمشاركة فنانين شباب من المدن الفلسطينية المختلفة، ومجموعة من الفنانين العالميين.

ويطمح غوشة أن يتحول مسرح البسطة إلى حراك عالمي، حراك فني عالمي بأدواته: العربة الموجودة في الشارع، وبالباعة المتجولين، والمتأملين في الأسواق.