يتكاثر الشهداء على أرض الضفة الغربية، ولا يكاد يمر يوم دون أن يرتقي شهيد أو أكثر، في رسالة فلسطينية تؤكد أن المقاومة هي الخيار الوحيد للشعب الفلسطيني، وأن الأرض لا يحررها إلا أبطالها، أولئك الذين آمنوا بالله ورسوله، وبحقهم التاريخي بأرضهم فلسطين.
تكاثر الشهداء على أرض الضفة الغربية دليل على:
1ـ الزيادة في أعمال المقاومة الفلسطينية.
2ـ تنامي الالتفاف الشعبي حول المقاومة.
3ـ تصاعد الخوف والقلق في صفوف الجيش الإسرائيلي.
4ـ انعدام الأمن والاستقرار الذي مكّن المستوطنين الصهاينة من السيطرة على الأرض.
5ـ فشل التنسيق والتعاون الأمني في تحقيق الأمن الإسرائيلي.
وإذا كان تكاثر الشهداء في صفوف الفلسطينيين مؤلم وقاسٍ لعموم الشعب الفلسطيني، إلا أنه مبشرٌ للشعب بقرب زوال الاحتلال، وقرب الخلاص من هذه الحالة التي يسيطر فيها الصهاينة على مجمل حياة الشعب الفلسطيني، وهذا التحول لا يرضي الصهاينة الباحثين عن الهدوء والأمن والاستقرار، لذلك تناقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية خبرًا عن نقاشات تدور بين قيادة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عن تغيير السياسة العسكرية في شمال الضفة الغربية، والتفكير بالخروج إلى عملية عسكرية موسعة، مشيرة إلى أن جهاز الشاباك يدعم السياسة الهجومية، ويرى ضرورة تغيير السياسة الأمنية في هذه المناطق، وهذا الخبر يشير إلى:
1ـ أن المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية قد أضحت مقلقة ومخيفة بالنسبة للإسرائيلي، وتشابه الحالة التي كانت سائدة عشية انتفاضة الأقصى 2000، والتي انتقلت سريعًا من الاشتباك على الطرقات، إلى مسلسل التفجيرات داخل الحافلات.
2ـ أن اقتحامات الجيش اليومية لمدن الضفة الغربية، وإطلاق النار الإسرائيلي بهدف القتل واعتقال العشرات يوميًا غير مجدٍ، ولم يسهم في وأد المقاومة الفلسطينية المتصاعدة.
3ـ فشل السلطة الفلسطينية في القيام بالواجب الذي أنيط بها وفق اتفاقية أوسلو، وقصورها عن لجم المقاومة الفلسطينية، وفقدانها للسيطرة الأمنية على الضفة الغربية.
4ـ انتقال الضفة الغربية من حالة التعايش، والسلام الكاذب إلى حالة الاشتباك الدائم، والمواجهات التي تتمدد كالعشب الأخضر من شمال الضفة الغربية إلى جنوبها.
5ـ انعدام الأمن الإسرائيلي، وفقدان الثقة بقدرة الجيش الإسرائيلي على حسم حرب الاستنزاف التي تدور على أرض الضفة الغربية
6ـ فشل مؤتمري القمة وشرم الشيخ في وأد ثورة الشعب الفلسطيني، وفشل المؤتمرين في التحايل على الوقائع بقرارات وبيانات رسمية لا قيمة لها على أرض الواقع.
ما سبق يؤكد أن الضفة الغربية قد انتقلت من حالة الانشغال بالحياة اليومية البائسة، إلى حالة إشغال الجيش الإسرائيلي بمفارق الطرق القاسية، بما في ذلك التفكير بعملية عسكرية موسعة شمال الضفة الغربية، أو الترويج الإعلامي لمثل هذه العملية، وآثارها.
وأزعم أن الترويج لعملية عسكرية موسعة يدخل في إطار الحرب النفسية، ويهدف إلى تحفيز السلطة الفلسطينية -عبر التخويف- لتمارس دورها الأبشع -في محاربة المقاومة الفلسطينية- بحجة الحفاظ على الأمن، فالعدو الإسرائيلي يعرف مضاعفات أي عملية عسكرية موسعة، ولا يضمن النتائج التي سترتد وبالًا على أمنه واستقراره، وهو الذي يهرب من المواجهة مع غزة، ويهرب من وحدة الساحات الفلسطينية والعربية، ويهرب من مواجهة شاملة ومفتوحة على كل أرض الضفة الغربية، لأن أي عملية عسكرية موسعة ستقلب الواقع القائم رأسًا على عقب، وستترافق مع تغيرات إستراتيجية وسياسية، ستؤثر على مجمل الساحة الفلسطينية الشعبية والقيادية، وهذا ما لا يسعى إليه المحتلون الصهاينة.