يشكو سكان مسافر يطا التي تضم سلسلة من التجمعات القروية جنوب مدينة الخليل في جنوبي الضفة الغربية المحتلة، إهمال الجهات الرسمية وتقاعسها عن القيام بمسؤولياتها تجاههم، تزامنًا وما يتعرضون له من عمليات تهويد وتهجير إسرائيلية لا تتوقف.
فمنذ عشرات السنين يواجه سكان المسافر ويقدر عددهم بقرابة 3 آلاف مواطن وفق إحصاءات محلية ودولية، كابوس التهويد والتهجير الإسرائيلي، وقد بات يلاحقهم في شتى مجالات حياتهم، إذ لا تتوقف عمليات الهدم ومصادرة الأراضي واعتداءات المستوطنين.
في المقابل لم تقدم الجهات الرسمية التابعة للحكومة في رام الله برئاسة محمد اشتيه، مقومات دعم صمود المواطن في تلك المنطقة المهددة كليًّا بالتهجير.
وهذا ما يؤكده المزارع سعيد عوض، الذي يملك أرضًا زراعية تبلغ مساحتها 286 دنمًا.
وقال لـصحيفة "فلسطين": إن "الجهات المسؤولة لم تقدم الخدمات الأساسية إلى سكان المسافر، وتشمل الكهرباء والبنى التحتية وغيرها من المقومات الأساسية للحياة".
وأضاف: "تلقينا العديد من الوعود الحكومية، لكنها لم ترتقِ إلى مرحلة التنفيذ".
في المقابل، بين عوض أن سلطات الاحتلال أنشأت سلسلة بؤر ومستوطنات يقدر عددها بثمانية، وهي مجهزة للمستوطنين بكامل الخدمات الأساسية على حساب المواطن الفلسطيني.
وقد باتت التجمعات القروية في مسافر يطا وعددها يزيد على 30 تجمعًا، موزعة على قرابة 13 قرية، معزولة عن العالم الخارجي بفعل مشاريع التوسع الاستيطاني، وإقامة عدد من معسكرات التدريب لقوات جيش الاحتلال.
اقرأ أيضاً: مستوطنون يشرعون بحفريات في "مسافر يطا" لإقامة مبنى استيطان
وعلى الرغم من قسوة الحياة في مسافر يطا إلا أن عوض وغيره من المواطنين المهددين بالتهجير يؤكدون تمسكهم بحقوقهم وأراضيهم المصادرة قسرًا، وعدم التفريط بها مهما بلغت انتهاكات الاحتلال وخططه الاستيطانية.
"لكننا نتطلع إلى تقديم الخدمات الأساسية لنا ودعم صمودنا على أرضنا حتى نتمكن من مواجهة الاحتلال"، كما يقول عوض.
وقد بات هذا المزارع ممنوعًا من الوصول إلى جزء واسع من الأراضي التي يملكها كغيره من المزارعين في المسافر، بفعل المنع الإسرائيلي والعربدة المستمرة التي ينفذها مستوطنون بحماية كاملة من قوات الاحتلال.
وقال محمد ربحي رئيس تجمع 6 قرى في مسافر يطا: إن تجاهل الجهات الرسمية لتقديم الخدمات الأساسية لسكان المسافر ليس وليد اللحظة، فهو يمتد منذ توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير والاحتلال الإسرائيلي سنة 1993.
وأضاف ربحي لـ "فلسطين": إن السلطة لم تقدم شيئًا جوهريًّا لسكان المسافر منذ تأسيسها، وأصبحت هذه المنطقة تفتقد للمشاريع التنموية.
وتابع: إن سكان المسافر ينفقون من مالهم الخاص لإقامة مشاريع خدماتية في أراضيهم الزراعية، بفعل تجاهل حكومة اشتية والاكتفاء بالوعود فقط.
وأشار إلى أن الاحتلال يستغل بشكل كبير تقاعس الجهات الرسمية عن دعم صمود سكان المسافر لتنفيذ المزيد من الانتهاكات والجرائم بحقهم، وعمليات التهويد والتهجير ضدهم.
ولفت ربحي إلى أن مؤسسات أممية ودولية ساهمت في إقامة بعض المشاريع في مسافر يطا أكثر مما ساهمت السلطة والحكومة في رام الله.
وأكد ضرورة استغلال الخيارات السياسية لدى السلطة وقدرتها على الوصول إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لكشف المعاناة التي يتكبدها سكان مسافر يطا نتيجة الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية.
وشدد على أن عدم قيام الجهات الرسمية بمسؤولياتها ينعكس سلبيًّا على حياة المواطنين في شتى مجالات الحياة.
ونبَّه على أن سلطات الاحتلال طيلة السنوات الماضية استهدفت بكثافة مشاريع الثروة الحيوانية؛ بسبب إغلاق مساحات واسعة مخصصة لرعي المواشي، وهي تواصل انتهاكاتها بحق المواطنين أيضًا، وتحمي المستوطنين في أثناء تنفيذ الاعتداءات التي تطال حتى الأطفال والنساء.
وطالب المؤسسات الرسمية التابعة للحكومة والسلطة بضرورة دعم صمود سكان المسافر، وتنفيذ مشاريع تنموية وبنى تحتية وتوفير المياه والكهرباء للسكان، وعدم الاقتصار على زيارة وزراء الحكومة وشخصيات مختلفة للمسافر وتقديم الوعود.
كما لفت إلى أن التواصل المستمر بين سكان المسافر وممثليهم في المجالس القروية مع جهات دولية حقوقية وأخرى مانحة، بهدف كشف المعاناة الناتجة عن انتهاكات الاحتلال، وتوفير التمويل اللازم للمشاريع التنموية.