بشاعة مشهد هدم بناية سكنية كبيرة بمخيم شعفاط بالقدس المحتلة تنذر بخطورة مخططات التهويد الخفية والظاهرة في المدينة المحتلة.
صباح الأربعاء الماضي لم تكن الأمور في مخيم شعفاط طبيعية، إذ داهمت ثلاث آليات (باقر) تتبع بلدية الاحتلال في القدس المحتلة المخيم دون سابق إنذار، وبدأت بتدمير بناية سكنية مكونة من 5 طوابق تضم قرابة 20 شقة سكنية، بينها 8 شقق تسكنها عائلات مقدسية، بزعم البناء دون ترخيص.
هذا ما أكده عمير حمدان، من سكان ضاحية السلام التي تقع فيها البناية المستهدفة، إذ بين أن آليات الاحتلال داهمت المنطقة في وقت مبكر وبدأت جريمة الهدم مباشرة بناءً على أوامر تهجير قسري تسلمها المالكون في وقت سابق.
ولم يكن مُلاك وسكان الشقق يتوقعون تدمير سلطات الاحتلال بنايتهم بهذه السرعة. وأشار حمدان لصحيفة "فلسطين" إلى أن الآليات واصلت الهدم على مدار قرابة 3 ساعات متواصلة قبل أن يأتي أصحاب الشقق بأمر لإيقافه، إلا أن قوات الاحتلال رفضت تنفيذ القرار وواصلت تنفيذ مخططها.
ولم يقتصر الأمر على مشاركة آليات بلدية الاحتلال في هدم البناية، بل كانت الجريمة بتنفيذ من داخلية حكومة الاحتلال ومعها أجهزة أمنية تابعة لها، وسط إجراءات أمنية مشددة خشية أي ردود فعل للمتضررين من جريمة الهدم.
وحولت آليات الاحتلال البناية إلى كومة كبيرة من الركام تغطيها كميات كبيرة من الأسلاك وأسياخ الحديد المتشابكة.
وعندما بدأت قوات الاحتلال جريمة الهدم باشرت في الأجزاء السفلية لتدمر أهم الإنشاءات فيها، ومن ثم انتقلت إلى الأجزاء العلوية لتدمر مساحة واسعة منها، وتركت أجزاء أخرى معلقة في الهواء، وقد أصبح ملاك البناية مجبرين على إزالتها لتفادي ضرائب باهظة قد تفرضها سلطات الاحتلال عليهم.
وعلى الرغم من تكرار جرائم الهدم والتهويد فإن أهالي القرى والمخيمات المهددة بالتهجير من القدس لمصلحة الاحتلال ومستوطنيه يؤكدون تمسكهم بها مهما بلغ الإجرام الإسرائيلي.
وطبقًا لما يوثقه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا"، فإن سلطات الاحتلال هدمت منذ مطلع 2023 حتى نهاية فبراير/ شباط 67 منزلا في القدس، بزعم البناء غير المرخص، وهي الذريعة التي يستغلها الاحتلال لتنفيذ مخططات الهدم.
وأضاف تقرير الأمم المتحدة أن الاحتلال هدم خلال عام 2022 نحو 143 منزلا، وبلغ عدد المنازل المهدمة عام 2021 نحو 181 منزلا.
وتشير تقارير رسمية وحقوقية إلى أن أكثر من 20 ألف منزل في القدس مهددة بالهدم بزعم البناء دون ترخيص، وهذا ما يؤكده زياد الحموري رئيس مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
وأضاف الحموري لـ"فلسطين أن الهدم الإسرائيلي مستمر ولا يتوقف في أحياء وقرى القدس، ولم يتوقف منذ احتلال المدينة في إثر نكبة عام 1948، مردفا أن مخططات الاحتلال تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس، إذ يحاول جعلها ذات أغلبية يهودية دون أي مراعاة للفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين.
وأشار إلى أن جرائم الاحتلال وانتهاكاته في القدس تؤثر بشكل كبير جدًا في أهالي القدس، وتلحق بهم أضرارا نفسية واجتماعية واقتصادية.
وبين أن سلطات الاحتلال هدمت منذ احتلال مدينة القدس على مرحلتين؛ في 1948 و1967، أكثر من 5000 منزل فيها، في المقابل صعدت وتيرة الاستيطان على حساب المنازل المهدمة والمشرد أهلها.
ولفت إلى أن تداعيات الهدم والتهويد الإسرائيلي تمتد آثارها لسنوات طويلة على المتضررين المقدسيين وخاصة فئة النساء والأطفال، ما يجعلهم بحاجة ماسة إلى دعم صمودهم في مواجهة الاحتلال.
وتفيد معطيات موثقة لدى الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب بأن عدد المنشآت التي هدمها الاحتلال في القدس منذ عام 1967 حتى نهاية أغسطس/ آب 2022 بلغ 5695 منشأة، 87 بالمئة منها منازل مواطنين.
وأوضح أبو دياب لـ"فلسطين" أن عدد المنشآت المقدسية التي هدمها أصحابها في القدس بلغ 579 منزلا، نتج عنها تضرر أكثر من 75 ألف مقدسي.