بالأعيرة النارية وقنابل الغاز والهراوات، قمعت أجهزة أمن السلطة مسيرة جماهيرية في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، تنديدًا باغتيال إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي للأسير خضر عدنان وذلك بعد إضراب عن الطعام استمر 87 يومًا على التوالي.
وهاجمت عناصر أمن السلطة بالقوة المشاركين في المسيرة الجماهيرية، مساء أول من أمس، واعتدت عليهم ما أدى لإصابة عدد من المواطنين بجروح متفاوتة وبحالات اختناق، فيما اعتقلت عددًا منهم والد الشهيد أمجد العزمي، والناشط السياسي غسان السعدي والأسير المحرر عبد الرحمن جدعون.
وبدأت رحلة معاناة الشهيد عدنان مع أمن السلطة قبل نحو 22 عامًا، حسبما وثق ذلك على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يسرد تفاصيل مؤلمة وقاسية أثناء تعرضه للتعذيب داخل سجن أريحا "سيئ الصيت والسمعة" عندما كان يدرس في جامعة بيرزيت، وخاض هناك أول إضراب عن الطعام إلى أن تحرر.
وذكر عدنان في شهادته التوثيقية بأن أمن السلطة وضعوا حينها كيسًا على رأسه، وزجوه في الحمام وصفعوه على وجهه وقيدوا يديه للخلف، وقيدوا القيد للأعلى بالشباك.
وتعد حادثة الاعتداء على القيادي في الجهاد، خلال وقفة احتجاجية رافضة لمحاكمة الشهيد باسل الأعرج في 13 آذار/ مارس 2017م، حدثًا أليمًا، حيث نقل حينها برفقة والد الشهيد الأعرج إلى مستشفى رام الله.
ولم تكتفِ أجهزة أمن السلطة عند هذا الحد بل استكملت جريمتها بحق الشيخ عدنان، فاعتدت عليه واعتقلته في 22 آب/ أغسطس 2021م، خلال مشاركته بوقفة نظمت أمام مجمع المحاكم في رام الله للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين.
وأوصى الشيخ عدنان، بعد الاعتداء عليه "ألا تدخل رجالات السلطة ومن عاونهم منزله وألا تشارك في مأتمه إذا ما قضى شهيدًا".
كما اعتدت تلك العناصر على زوجة الشيخ عدنان، ووجهت لها ألفاظ نابية، ذات يوم، خلال وقفة نظمت على دوار المنارة في رام الله، رافضة للاعتقال السياسي، وللمطالبة بالإفراج عن زوجها.
محاولات الاغتيال
وتعرض عدنان، لعدة محاولات فاشلة لاغتياله، ففي فبراير/ شباط 2022م، أطلق مسلح النار عليه أثناء تقديمه واجب العزاء لذوي شهداء نابلس.
وذكر الشيخ عدنان، في تصريح له حينها، أن مسلحين أطلقوا النار باتجاهه في منزل الشهيد أشرف المبسلط، وقام شقيق الشهيد أدهم الشيشاني بحمايته وأصيب وقتها بشظايا.
كما تعرض لمحاولة اغتيال، وفق أقوال سابقة له، وحاول الدفاع عنه شقيق الشهيد المبسلط، وتم إطلاق الرصاص بين قدميه من سلاح ناري رشاش m16.
اقرأ أيضاً: بالفيديو أجهزة السلطة تقمع مسيرة في جنين منددة باغتيال "عدنان"
وقال وقتها غاضبًا: إن "الذي قرر دفعي للخروج من البلدة القديمة وأطلق النار باتجاهي، هو من قرر ألا أدخل جامعة النجاح، وهو الذي قرر تخريب إضراب الأسرى عام 2017م".
وتعرض الشيخ عدنان، عام 2022م، لحملة تحريض وتهديد بالقتل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متهمًا أجهزة أمن السلطة بالوقوف خلفها.
واستنكرت حركة الجهاد الإسلامي وقتها حملة الإساءة والتهديدات التي تعرض لها القيادي قائلة: إنّها "تصدر من قبل جهات مشبوهة خارجة عن الصف الوطني".
تغييب المقاومة
وأكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي ماهر الأخرس، أن أجهزة أمن السلطة لاحقت الشيخ عدنان حيًا وميتًا وأرادت تغييبه عن الساحة الوطنية خدمة لمصالحها.
وانتقد الأخرس في حديث مع صحيفة "فلسطين" اعتداء أمن السلطة على المسيرة المنددة باغتيال الشهيد عدنان، مؤكدًا أن ذلك يعكس الحالة التي تعيشها الأجهزة الأمنية بقياداتها.
واعتبر قمع المسيرة بمثابة تساوق مع سلطات الاحتلال التي تحاول تغييب العمل المقاومة في الضفة المحتلة، مضيفًا: "إن من خرج ضد المسيرة المنددة باغتيال الشهيد عدنان، الذي لطالما نادي بمقاومة وإنهاء الاحتلال ووقف مشاريعه العنصرية وتغوّله على أبناء شعبنا وحقوقه المشروعة .. لا يمثل شعبنا".
وأشار الأخرس إلى أن أمن السلطة اعتقل الشيخ عدنان، أكثر من مرة وتعرض خلالها للضرب والقمع لانتقاد السلطة التي توفر الأمن للاحتلال ومستوطنيه، وتحافظ على الاتفاقيات الموقعة معه خدمة لمصالحها دون الالتفات لمطالب شعبنا وحقوقه.
وندد أمين خازم والد الشهيد نضال من جنين، باعتداء أجهزة السلطة على المسيرة السلمية التي انطلقت من جنين للتنديد باغتيال الشهيد عدنان.
وأوضح خازم لصحيفة "فلسطين": أن الاعتداء على المسيرة وملاحقة المقاومة والمقاومين هدفه "جر المقاومة لمربع الصدام مع السلطة كما هو مخطط له مسبقا"، لافتا إلى أن ذلك هو نتائج الاجتماعات الأمنية في العقبة وشرم الشيخ (التي جمعت السلطة والاحتلال) وممثلين عن الإدارة الأمريكية.
ودعا والد الشهيد إلى الالتفاف حول المقاومة والعمل من أجل نصرتها كونها السبيل الوحيد للخلاص من الحالة الراهنة، وتجنب الانجرار لمربع الفوضى والصراع الداخلي.