توقفت الجولة القتالية التي ارتبطت باستشهاد خضر عدنان بعد وساطة وسطاء عملوا على التهدئة ووقف التصعيد، ولكن هذا الوقف هش وقابل للكسر، فما زال جثمان خضر بين يدي المحتل، ولم يتسلم ذووه جثته، وما زال الاعتقال الإداري سيفًا مصلتًا على رقاب الفلسطينيين.
مات عدنان دفاعا عن حقه في الحرية، وحقه في محاكمة عادلة، ورفضه المطلق للاعتقال الإداري، لأنه اعتقال دون تهمة، ودون دليل على جريمة، وهو يجسد مزاج رجل المخابرات المسكون عادة بالشك والوهم.
هذه المعاملة اللاإنسانية القائمة على الشك والوهم لا وجود لها في القانون الدولي، ولا في قوانين الدول المحترمة، ولكن دولة الاحتلال دولة غير محترمة، دولة عنصرية، تطبق الاعتقال الإداري الممتد على الفلسطيني، ولا تطبقه على الإسرائيلي.
المؤسف أيضا أن المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض قال إجابة عن سؤال عن موقفهم من موت خضر عدنان: "جميع الأفراد بمن فيهم السجناء يجب أن يعاملوا معاملة إنسانية، ولكن الجهاد الإسلامي منظمة إرهابية".
هذا القول أيضا مسكون بالعنصرية والتمييز، فخضر عدنان ليس إرهابيا في نظرنا نحن الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وليس إرهابيا بمفهوم القانون الدولي، بل هو وطني يطالب بالحرية، هو عندكم بصفتكم عنصريين تؤيدون العنصرية الأمريكية إرهابي، وتهمة الإرهاب حتى بتصوركم وزعمكم لم تثبت عليه؛ لأنه كان معتقلا إداريا، أي بلا تهمة حقيقية.
دولتكم أمريكا قتلت ملايين البشر وما زالت تقتل، ودولة (إسرائيل) ربيبتكم قتلت آلاف الفلسطينيين والعرب، وما زالت تقتل، ولا تعدونها وأنفسكم من الإرهاب!
هذا فساد في التصور، وعنصرية في الممارسة. أنتم أولى بتهمة الإرهاب؛ لأنكم قتلتم كثيرا، وخضر عدنان لم يقتل أحدا.
إن موقف البيت الأبيض هذا يشجع (إسرائيل) على الاعتقالات الإدارية، وعلى حرمان المعتقلين من المعاملة الإنسانية بتهمة الإرهاب، ومن ثمة يمكن القول إن البيت الأبيض يحرض على جولات قتالية عند وقوع سبب مماثل لسجين آخر، وكان الأجدى به أن يطالب (إسرائيل) بالتراجع عن الاعتقال الإداري الذي سبب الجولة القتالية أول من أمس الثلاثاء.