فلسطين أون لاين

أهل "الزبيدات" يكتوون بنيران الاستيطان والترحيل والتضييق

...
قرية الزبيدات قضاء أريحا
غزة/ هدى الدلو:

منذ أربعة أشهر وأعراض الخوف وقلة النوم والانزواء ورفض الخروج من المنزل واللعب مع أقرانه تلازم الطفل عمار زبيدات الذي لم يتجاوز عمره الـ (12 عامًا) بعدما اعتقله جنود الاحتلال الإسرائيلي، رغم معاناته شحنات كهربائية بالدماغ وإعاقة بالجسد والنطق.

اعتداءات مستمرة

فلم يتخيل والده جاسر زبيدات أن يكون طفله يومًا هدفًا للاحتلال في أثناء ذهابه للمدرسة التي يحرص على إرساله إليها لدمجه مع أقرانه، لكنّ تعرض الاحتلال له واعتقاله هدم كل ما يحاول الأب بناءه في طفله من ثقةٍ بالنفس واختلاطٍ بمحيطه.

ففي قرية الزبيدات "قضاء أريحا" لا يحدق الخطر فقط بـ “عمار" بل بالكبير والصغير فيها، فــ"جاسر" الذي يعمل في إحدى الأراضي الزراعية في القرية التي لا تبعد عن خط التسعين الاستيطاني الرئيس سوى عشرة أمتار، لا يمكنه الانسجام في عمله، فطيلة ساعات وجوده في الأرض لا ينفك عن التلفت يمنة ويسرة خوفًا من أن يجد المستوطنين دفعة واحدة فوق رأسه، وفق حديثه لصحيفة "فلسطين".

ويقول: "نعيش حياة صعبة سواء من ناحية معيشية أو عملية، فالأمر ليس سهلًا، بل مخيفًا أيضًا، خاصة في ظل إخطارات الهدم التي وصلت إلى بعض بيوت القرية ومنهم بيت شقيقي بزعم البناء في منطقة غير مسموح بها، إلى جانب وجود جنود الاحتلال في القرية على مدار 24 ساعة ليضيق حركتنا، ويعيق عملنا".

لا حياة ولا أمان

وتلوع قلب لينا حسين زبيدات (53 عامًا) على نجلها الذي جد واجتهد في مراحله المدرسية والجامعية لأجل الحصول على وظيفة عمل ولكنه لم يجد في قريته النائية التي تعاني ظروفا صعبة، فترك أهله وهاجر إلى أمريكا بحثًا عن مصدر رزق.

تقول لينا: "أعيش مع شقيقَي زوجي في بناء سكني مكون من طابقين، وزوجت أحد أبنائي وبنيت له على سطح المنزل شقة صغيرة من الأسبست تُؤويه وزوجته، ولا أعرف كيف أزوج الآخرين في ظل الكثافة السكانية التي تعانيها القرية".

وترى أن ظروف القرية تدفع بالشباب وبعض سكانها إلى الهجرة، لعدم قدرتهم على التوسع أو إيجاد وظائف عمل، "فالوضع لا يطاق، فثلاثة من أفراد أسرتي حملة شهادات جامعية ولا يجدون وظيفة فاضطروا للعمل في المستوطنات الإسرائيلية، بيومية 50 شيقلا، ليدل ذلك على حياة الذل والقهر التي يعيشها أهل القرية".

وما يزيد من كارثية الوضع أنهم لا يشعرون بالأمان حتى في بيوتهم بسبب اقتحامات جيش الاحتلال لها ليل نهار، ففي "عز نومهم" يُدق الباب بكل وحشية لتفتيشها، بسبب قرب قريتهم من خط 90 الاستيطاني.

معاناة متفاقمة

أما أحمد زبيدات الذي يعمل مدرسًا في إحدى مدارس القرية فلا تخلو أيامه من المضايقات بسبب ممارسات الاحتلال ومستوطنيه، فخلال الدوام الدراسي يتم اقتحام المدرسة، وتجري محاولات لاعتقال بعض الطلاب، تلك الأحداث وغيرها تفسد اليوم وتعرقل آلية سير العملية التعليمية.

ويقول: "كما أنني لست بعيدًا عن معاناة سكان القرية، فمنذ 20 عامًا ونحن نطالب بتوسيع المساحة المسموح بالبناء فيها، أيعقل أن يعيش 2000 نسمة على مساحة 40 دونما؟ ولكن الاحتلال يقابل مطالباتنا بالتجاهل".

وتطرق للحديث معاناة أخرى، وهي رائحة "المجاري" (الصرف الصحي) التي تتفاقم في فصل الصيف وتصبح مرتعًا للحشرات وتكاثرها وظهور أمراض الحساسية والثعلبة وغيرها، مشيرًا إلى أن الاحتلال لا يسمح بعمل تمديدات جديدة للصرف الصحي أو بإعطائهم مساحة من الأرض لمعالجة المشكلة.

ولا يخفي سرًا بأن الخدمات الصحية التي تقدمها المراكز الطبية بالقرية بسيطة، حيث تفتح أبوابها يومين في الأسبوع ولمدة ثلاث ساعات فقط، وهي غير كافية لتلبية احتياجات أهل القرية، كما لا يوجد مركز طبي كامل وعلى مدار اليوم تحسبًا لأي طارئ.

ويضيف أحمد: "عدا عن مشكلة عدم تعبيد الطرق منذ سنوات طويلة، ومضايقات المستوطنين للمزارعين والمواطنين -بحماية من جيش الاحتلال- الذين يفتعلون المشاكل ويغلقون الطرق، ثم يمارسون الرقص والغناء لاستفزاز المواطنين.

والزبيدات قرية تتبع لمحافظة أريحا في الأغوار، وغالبية سكانها مزارعون بدو، ويعود أصل سكانها لمدينة رهط في قضاء بئر السبع، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى عائلة "الزبيدات" التي أغلب سكان القرية منهم، ويعتمد سكانها على الزراعة، وهناك مساحة 5000 دونم من سهل الزبيدات مزروعة بجميع أنواع الخضراوات.