بينما يتزايد في كل يوم حجم التهديدات الإسرائيلية على لسان مسؤولين سياسيين وعسكريين باغتيال قيادات فلسطينية بعد انتهاء شهر رمضان، ومن جديد أخذ الإعلام العبري يذيع هذا الخبر، فبحسب (القناة 12) الإسرائيلية، فإن (إسرائيل) تعتزم الاستعداد لإعادة تفعيل سياسة الاغتيالات، حتى لو على حساب التصعيد، وقد تؤدي إلى إشعال برميل من المتفجرات، وفق قولها، فإن تهديدات الاحتلال باستئناف الاغتيالات مستهجنة للغاية، لأنها تظهره بريئا من الجرائم التي يرتكبها جهارًا نهارًا وعلى مرأى ومسمع من العالم، فمن قال إن الاحتلال توقف يوماً عن قتل الفلسطينيين؟
إن سياسة الاغتيالات التي يدعيها الاحتلال سارية المفعول منذ النكبة، التي يوافق موعد ذكراها هذه الأيام، وبالمناسبة عقد مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء الماضي جلسة خاصة مفتوحة لمناقشة الأوضاع في فلسطين، برئاسة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي تترأس بلاده المجلس لهذا الشهر (أبريل)، ومن المفارقات أن يصور المجرم نفسه بالضحية، عندما قرأ السفير الإسرائيلي (جلعاد أردان) أسماء القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية فدائية، فمهما بلغت أعدادهم فإنها لا تقارن مع أعداد الشهداء الفلسطينيين الذين قتلتهم قوات الاحتلال، فبحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء فإن الجرائم التي ارتكبتها دولة الاحتلال منذ قيامها، والتي فاق فيها عدد الشهداء الفلسطينيين منذ نكبة عام 1948، وحتى عام 2000 نحو 100 ألف شهيد، في حين فاق عدد الشهداء منذ بداية انتفاضة الأقصى نحو 11 ألفا و500 شهيد، وذلك خلال الفترة من 29 سبتمبر 2000 وحتى 30 أبريل 2022 ، كان أكثرها دموية حرب عام 2014، حيث سقط 2240 شهيداً، إضافة إلى قرابة الـ100 شهيد منذ بداية هذا العام، إذن حصيلة أعداد الشهداء كبيرة جداً، ناهيك بأعداد الجرحى والأسرى واللاجئين الفلسطينيين، وهناك جرائم أخرى لا تعد ولا تحصى كالحصار المفروض لأكثر من عقد ونصف العقد على 2 مليون إنسان في قطاع غزة، والتهجير القسري وهدم المنازل والاستيلاء على الأراضي والممتلكات الفلسطينية.. إلخ، وحدث ولا حرج.
وعلى افتراض أن تُؤخذ هذه التهديدات الصهيونية محمل الجد، فليس مستبعداً أن تذهب من جديد حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة إلى مربع التصعيد على أي من الجبهات المحاذية، في ظل ازدياد حالة التوتر التي يعيشها مجتمع الاحتلال والتعرض لأزمات متتالية ومتعاقبة، تدفعه نحو التفكير بتوجيه ما سماها نتنياهو "الضربة القاسية" بهدف إسكات المعارضة وتحويل الصراع ربما إلى الخاصرة الأضعف وهي غزة، أو يقدم على توجيه ضربة خاطفة بما عرف بـ“الضربة الاستباقية” لأي هدف من النوع الثقيل بزعم استعادة “الردع”، الذي تآكل في الفترة الأخيرة، وقد جرت العادة عند الاحتلال أن ينفذ عمليات أمنية باغتيال شخصيات فلسطينية دون ترك بصمات، بسبب وجود معادلة اشتباك قوية خاصة على الجبهتين الجنوبية والشمالية، أو أن يلجأ الاحتلال إلى طريقته التقليدية بتنفيذ اغتيالات لقادة فلسطينيين بالطريقة العسكرية الواضحة على غرار اغتيال الشهيد أحمد الجعبري في 2014، والشهيد إبراهيم الجعبري في 2021، حينها يكون قد استعد جيداً لاحتمالية نشوب معركة لا يعرف إنهاءها ويطول أمدها وقد تثقل كاهله وتزعزع استقراره وتقوض جبهته الداخلية المتصدعة أصلاً، فكل هذا وارد وغير مستبعد في عرف الاحتلال الذي تربى وترعرع على حساب الدم الفلسطيني.