يواجه المقدسيون محاولات لكي وعيهم الثقافي عبر فرض المنهاج التعليمي الإسرائيلي على مدارس شرقي مدينة القدس المحتلة في ظل حاجتها للأموال، في خطوة ترمي إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على المدينة، وفق ما عبر عن ذلك وزير شؤون القدس في حكومة الاحتلال "زئيف إلكين"، قبل أحد عشر شهراً.
يحاول الاحتلال فرض مناهجه الدراسية على الطلبة من خلال المدارس الخاصة في القدس المحتلة، والمدارس التابعة لبلدية الاحتلال، والمدارس التي أنشأها مؤخرًا لبث سمومه بين أوساط الطلبة الفلسطينيين، وفق مدير مركز إعلام القدس محمد صادق.
وقال صادق لصحيفة "فلسطين": يعمل الاحتلال من خلال منهاجه على السيطرة على مدينة القدس والأجيال الفلسطينية، وإنشاء جيل يؤمن بوجود الدولة العبرية وينصاع لنداءاتها ويخدم في جيشها.
وأكد أن سلطات الاحتلال رصدت أموالا طائلة لتنفيذ منهاجها في المنطقة، لافتًا إلى أن الاحتلال لديه مناهج دراسية متكاملة يسعى لفرضها على الفلسطينيين في كافة المراحل الدراسية، وتعليم الطلاب "نشيد العلم الإسرائيلي"، لتذويب ثقافة الطلبة في عملية غسيل أدمغة تقنعهم بوجود ما يسمى "الهيكل" وأن المسلمين هم من سرقوا الأرض وبنوا عليها مسجدهم.
وأوضح أن سلطات الاحتلال تركز على القدس لأهميتها الدينية في العقيدة اليهودية أولاً، وثانياً بسبب الفراغ الفلسطيني في المكان.
وأشار إلى أن الاحتلال عمد طوال السنوات الماضية إلى توزيع الأموال عن طريق "بلدية القدس" على المدارس الخاصة وبذلك فرض شروطه السياسية عليها.
ودعا صادق السلطة الفلسطينية إلى إنشاء المدارس في القدس وأراضي الـ48 والعمل على مواجهة المنهاج الإسرائيلي ومنع تغلغله.
وخطوة تغيير المناهج ليست الأولى، إذ سبقها حذف شعار المناهج عن الكتب الفلسطينية، ثم حذفت بعض النصوص والدروس والآيات القرآنية، والشعر وكل ما يعتبرها الاحتلال "مواد تحريضية".
تشويه وتزييف
بدوره، أكد المختص بشؤون القدس جمال عمرو، أن سلطات الاحتلال تحاول تنشئة جيل مشوه فكريًا ومستسلم للإملاءات الإسرائيلية.
ولفت عمرو لصحيفة "فلسطين"، إلى أن تلك العملية تتم بمسارين: الأول ابتزاز المدارس الخاصة بسبب الصعوبات المالية التي تواجهها، فيعمل على إغراقها بالأموال وتوفير كافة احتياجاتها وسداد ديونها، والآخر العمل على إنشاء مدارس للعرب تدار إسرائيلياً، وبجميع الأحوال المساران يُحكمان القبضة الإسرائيلية على المدينة المقدسة.
وتقدم وزارة شؤون القدس سنوياً، مبلغ 20 مليون شيكل لمدارس شرقي القدس، وتخصص تلك الأموال لغرض تنفيذ أعمال الترميم والتطوير، وتزويد المؤسسات التعليمية بحواسيب وملاعب رياضية ومختبرات.
وتعتبر تلك الميزانية بالنسبة لـ 58 مدرسة يرتادها نحو 48% من إجمالي الطلاب المقدسيين، "مهمة" في ظل افتقار أبنيتها السكنية لمقومات التعليم، فلا أجهزة حواسيب ولا مختبرات علمية ولا أنشطة رياضية.
واشترطت الوزارة في حزيران/ يونيو 2016 على المدارس استبدال المنهاج الفلسطيني بالإسرائيلي للحصول على الأموال، مهددة بفرض عقوبات على كل من يخالف ذلك.
وعدّ عمرو، أن غياب السلطة الفلسطينية عن المدينة أعطى فرصة إضافية للاحتلال للسيطرة على الوعي الثقافي في شرقي القدس المحتلة "إذ يتوجب على السلطة توفير الأموال والحفاظ على هوية المكان الذي تعتبره عاصمة الدولة الفلسطينية وفق خيار حل الدولتين".
ويرى الخبير بشؤون القدس، أن سلطات الاحتلال تشوه بذلك عقل جيل كامل منفصل عن ذاته وهويته الدينية والوطنية والتاريخية "كي يسهل لها تنفيذ مخططاتها بالمنطقة والقضاء على كافة أشكال المقاومة هناك".
وكانت مصادر صحفية نقلت مطلع الشهر الجاري عن وزير التعليم في حكومة رامي الحمد الله، صبري صيدم "أن ملايين الدولارات وصلت إلى خزينة السلطة لدعم احتياجات وزارة التعليم، لكن هذه الأموال اختفت ولم تصرف لتغطية مشاريع الوزارة".
خطيب الأقصى يُحرم
من جهته، حرم خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، التدريس والتعامل مع المناهج التي يفرضها الاحتلال على المدارس في مدينة القدس المحتلة.
وشدد صبري، خلال خطبة الجمعة الماضية أمام آلاف المصلين في المسجد الأقصى، على أنه "لا يجوز شرعاً تدريس المناهج الإسرائيلية، وآثم من يقوم بتدريسها، ويأثم كل من أيد ويؤيد تدريسها، وكل من يرسل ابنه أو ابنته إلى المدرسة التي تدرس هذه المناهج، وعلى الآباء والأمهات أن يكونوا يقظين ومتنبهين إلى خطورة ذلك، وبهذا نفتي".