لا أدري كيف أسوق الشكر إلى الجزائر العظيمة، أو كيف أكافئ لهم هذه اليد الكريمة، أو كيف أصل إلى ممثليها الكبار: سفير الجمهورية الجزائرية في السودان، والقنصل العام بالسفارة، وطاقم السفارة بأكملهم، لأحييهم وأشدّ على أياديهم، فقد كانوا مثالاً في دينهم وأخلاقهم وعروبتهم وإنسانيتهم، إذ لم يقبل سعادة السفير الجزائري أن يوصف الفلسطينيون ممن لجؤوا إلى سفارتهم بالأجانب، بل أصرّ على وصفهم بالجزائريين، وتعامل معهم مثل أبناء بلده، وشرع في تأمين احتياجاتهم بعد أن اطمأنّ إلى إجلاء المواطنين الجزائريين في الحافلة الأولى، وركب سعادة السفير وطاقم السفارة وعائلاتهم في الحافلة الثانية مع أهله الفلسطينيين الذين انقطع بهم السبيل، وتعرضت مناطق سكنهم للاستهداف، وقد كان من بينهم ولداي: الدكتور عمر، والمهندس عمار، وخالهما وعائلته، وانطلقت الحافلة التي تحمل العلم الجزائري وسط الاشتباكات والنيران والتحليق الجوّيّ المكثف، وقطعوا رحلة طويلة استمرت نحو عشرين ساعة حتى وصلوا إلى مدينة بورسودان على البحر الأحمر.
وقد تحمّلت السفارة تكاليف الرحلة كاملة رغم ارتفاع أجرتها إلى أضعاف مضاعفة كما هو الحال في مثل هذه الظروف، وأدار السفير وطاقمه التحديات التي واجهتهم بحنكة ذكية وصبر مشهود ونَفَس طويل وصدر مفتوح وحسم رغم كل التوتر والإشكالات والقلق واختلاط المشكلات وتعقيدها.
وهنا أقف احتراماً وتحية لجمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية ورئيسها السيد عبد المجيد تبون وقيادتها وشعبها ووزارة خارجيتها وسفارتها في السودان وسفيرها هناك ودبلوماسييها على موقفهم الكبير، وهو دَين في أعناقنا لن ننساه للجزائر التي نزداد لها حباً واحتراماً.