نستحضر اليوم في أجواء العيد الشهداء والأسرى والجرحى الذين قدموا التضحيات وبذلوا الغالي والنفيس كي نعيش في ظروف أفضل، وكانوا وقودا للثورة في وجه الاحتلال، وتقدموا الصفوف في أشرف معركة وأقدس مواجهة عرفها التاريخ، أمام احتلال مجرم اغتصب ارض فلسطين ومارس شتى وسائل الارهاب المنظم ضدها، ولازال يصاعد من عدوانه وبطشه بشكل وحشي ظنا منه بأن ذلك يمكن أن يدفع الفلسطينيين للرضوخ والاستسلام.
لكن شعبنا حمل راية المواجهة وأعلن بشكل واضح وصريح بأنه سيقاتل هذا المحتل المجرم بكل ما أوتي من القوة حتى الرمق الأخير، ولا يمكنه أن يرضخ أو يتراجع بأي صورة، فهو مستعد لتقديم التضحيات حتى كنس الاحتلال وتحرير أرض فلسطين، لذلك فإن هذه التضحيات في (سياق ومسار) مستمر اختاره شعبنا ولا يمكنه أن يغيره أو يحيد عنه مهما بلغت جسامة الجرائم، ومهما بلغ جبروت الاحتلال.
هذا ما يؤمن به شعبنا ايمانا راسخا ولا خيارات أمامه سوى المواجهة في كافة المحطات مع العدو الاسرائيلي، ومن هنا فإن شعبنا ينظر (بعين التقدير) لكل من سبق وكان في الصفوف الأولى في هذه المعركة المشرفة، وقدم ما يملك على طريق التحرير، فمن كان سباقا وقدم التضحية بعد التضحية ولم يبخل في اي محطة في المواجهة المفتوحة مع الاحتلال يستحق أن يكون عنوان فخر لنا جميعا، ويفرض علينا مواصلة المسير على ذات الطريق دون تردد.
من هنا وفي هذا المقام فإنني أدعوا لتسخير الوقت الأكبر من هذا العيد لزيارة ذوي (الشهداء والأسرى)، وتكثيف الزيارات للجرحى وتفقد أحوالهم، وهذا من أهم الاعمال في العيد، ففي ذلك قمة الوفاء لهذه التضحيات، ومن خلال الزيارات يقدم شعبنا أروع نماذج التضامن، والوفاء، لكل من قدم تضحية في هذا المسار، ويدخل السعادة على أشرف الناس، وأحسن الناس، وأكثر الناس صدقا واخلاصا لهذه القضية المباركة.
وفي ذلك رسالة للعدو بأن العيد هو (محطة للتزود بالوقود) للعودة مرة أخرى لتصعيد المقاومة، فلا يوجد راحة أو استراحة أمام شعبنا ما دام هذا الاحتلال جاسم على هذه الأرض، وليعلم بأن عيدنا يمر ونحن نستحضر هؤلاء العظام وتضحياتهم، ونستعد لمواصلة الطريق على خطاهم، وليدرك بأن هذا الشعب مجبول على حب الوطن والمواجهة والتضحية والفداء، ولا يمكنه أن يسير في ركب أخر، وأن كل محاولات تحييده واشغاله وارهابه وحصاره ستبوء بالفشل ولن تحقق أي نتيجة للاحتلال.