العقلاء في أميركا هم فقط من يعتبرون دولة العدو الإسرائيلي عبئا على الولايات المتحدة. نسبة هؤلاء العقلاء في الحزب الديمقراطي تبلغ 55%، وفي الحزب الجمهوري تبلغ 24%، وذلك بحسب استطلاع رأي نشره معهد (بروكينغز) الأميركي في أكتوبر من هذا العام، وذكر الاستطلاع أن نسبة 76% من الأميركيين تعد ( إسرائيل) أنها تشكل رصيدا إستراتيجيا للولايات المتحدة؟! .
ويرى الاستطلاع أنه وبحسب الحزب الديمقراطي فإن نسبة 55% تعتقد أن دولة العدو الإسرائيلي تؤثر تأثيرا مباشرا في سياسات الولايات المتحدة الأميركية، بينما كانت نسبة الجمهوريين هي 54%..
هذه الأرقام الإحصائية تدل دلالة واضحة على مدى تغلغل دولة العدو الإسرائيلي في القرار الأمريكي، ومدى قدرتها على توجيهه بما يحقق أهدافها وإستراتيجيتها في الشرق الأوسط. أضف لذلك أن الاستطلاع أجري في عهد أوباما الديمقراطي في أكتوبر الماضي، بينما ستكون النسبة أفضل لصالح ( إسرائيل) فيما لو أُجري الاستطلاع في عهد ترامب الجمهوري، الذي يعلن عن تماهي سياسته الخارجية مع السياسة الإسرائيلية.
بالأمس قامت حكومة الرئيس أوباما بتسليم إسرائيل أول دفعة من طائرات الشبح الأميركية ( f35)، وهي طائرات لم يتسلمها حلف الناتو، الأمر الذي يكشف عن حجم التعاون العسكري بين الدولتين، وأن أميركا تثق ثقة عمياء بدور ( إسرائيل) في الإستراتيجية الأميركية.
وإذا انتقلنا إلى مسألة الاستيطان، وهي مسألة غير عسكرية، ومن المعتاد أن أميركا تقف ضد الاستيطان في أراضي عام 1967م نجد أن نسبة 60% لا تؤيد توقيع عقوبات على دولة العدو بسبب الاستيطان، وأن من يؤيدون العقوبات من الديمقراطيين لا يتجاوزون 31% من المستطلعة آراؤهم. وقد شارك في الاستطلاع عينة من 2575 شخصا، بهامش خطأ 2.5%
إن هذا الاستطلاع يكشف عن مدى عمق العلاقة الإستراتيجية بين دولة العدو والولايات المتحدة الأميركية، وهو يعني في الوقت نفسه أن القيادة الأميركية ليست جهة مناسبة لرعاية المفاوضات، وليست الجهة التي يمكن الركون إليها في البحث عن حل سياسي للصراع.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الاستطلاع يكشف عن فشل كبير للسياسة العربية والفلسطينية في التأثير على الرأي العام الأميركي، الأمر الذي يصدق عليه قول : لا تلوموا الخارج ولوموا أنفسكم. فلو كانت هناك جدية في العمل العربي، وإرادة حقيقية، لنجح العرب في تغيير هذه النسب القاتلة. خلاصة القول إن ( إسرائيل) تعمل، وتُتابع، وتُراجع، وتتقدم، والعرب والسلطة يلعبون، ويتراجعون، وهذه الأرقام يمكن تسميتها ( الفاضحة) التي تفضح الأداء الفلسطيني والعربي أيضا.