تُصارع المعلمة صابرين شراب الوقت في شهر رمضان حتى تتمكن من إنجاز كل متطلباته العائلية والاجتماعية على أكمل وجه، ما يزيد الأعباء الملقاة على عاتقها مقارنةً بغيرها من النساء، فساعات اليوم بالكاد تكفي لكل متطلبات الشهر الكريم.
لكن "شراب" تعتمد تنظيم الوقت في حياتها اليومية سواء في رمضان أو في غيره، لمحاولة إحداث توازنٍ بين كل المهام المطلوبة منها.
تقول: "أنا كامرأة عامة لديّ مسئوليات زوج وأبناء ومنزل وأعمال منزلية، فما بين تنظيف وترتيب البيت وإعداد الطعام، ورعاية الأبناء ونظافتهم والسهر على راحتهم حال المرض ومراجعة دروسهم".
وتضيف شراب: "وفي الوقت نفسه فلديّ التزامات اجتماعية في رمضان مع عائلتي وعائلة زوجي ومعارفي، كل هذه الأعباء تجعلني أستعد لرمضان قبل بدئه بمدة، فأعد بعض الوجبات وأضعها بمجمد الثلاجة لتسهيل أمر إعداد وجبة الإفطار".
وتعمل شراب قبيل رمضان على تحضير بعض المأكولات سريعة التحضير كـ"الكبة" والسمبوسك والخضار اللازمة للشوربات والفواكه للعصير والقطايف، ما يختصر عليها كثيراً من الوقت عند إعداد وجبة الإفطار.
وتلجأ شراب أيضاً إلى شراء ملابس العيد لها ولابنتها قبيل بدء الشهر الفضيل، لتفادي ازدحام الأسواق في نهاية رمضان، "أما الزيارات الاجتماعية غالبًا تكون في الساعة الأولى بعد صلاة التراويح، وتدريس ابنتي فيكون حسب وقت دوامي المدرسي".
وتحرص شراب على أن تخصص وقتاً للواجبات الدينية، "فنستيقظ قبل السحور بنصف ساعة على الأقل، لقراءة القرآن وصلاة عدة ركعات لقيام الليل"، ثم تعد وجبة السحور.
توزيع الأعباء
أما الموظفة ميسرة شعبان فلا تجد في شهر رمضان عبئاً إطلاقاً، حيث يتم تخفيض عدد ساعات العمل بمقدار ساعة يوميًّا، "فأستغل الوقت حتى موعد الإفطار في تحضير الطعام وترتيب المنزل وقبل المغرب بساعة قراءة القرآن".
وتضيف: "بعد المغرب أجلس لتدريس أبنائي، وأفعل ذلك سريعاً إذا كان لدينا زيارات للأرحام، ثم نعود إلى المنزل نرتب أمورنا لليوم التالي، وأستيقظ قبل الفجر بساعة تقريباً لقراءة القرآن وتحضير السحور".
وما يخفف الأعباء عن شعبان، تولي زوجها إعداد الطبق الرئيس لوجبة الإفطار، فهو يهوى الطهي والتجديد والإبداع فيه، "بينما أعد أنا الشوربة والسلطات".
وتتفق ربا أبو حطب مع سابقتها بأن المرأة العاملة تتحمل العديد من الأعباء في الأيام العادية بين البيت والعمل والأبناء والمذاكرة والزيارات الاجتماعية، "فما بالك بشهر رمضان حيث الوقت المحدود والمسؤوليات كبيرة؟".
لذا تلجأ ربا إلى محاولة تخفيف عبء أعمال المطبخ باستغلال الإجازات الأسبوعية في تجهيز العديد من الأصناف التي من الممكن "تفريزها"، وتكون في متناول اليد عند الحاجة.
وتلفت إلى أن التحضير المسبق يخلق مساحة من الوقت للنساء العاملات للتفرغ للعبادة، "الأمر يحتاج إدارة الوقت بطريقة حكيمة، ومحاولة الأم توزيع المهام بينها وبين الأبناء، سواء في أثناء نهار رمضان أو في الأيام العادية لتعليمهم أن الحياة قائمة على المشاركة".
تآلف وتعاون
من جهته يبين اختصاصي علم النفس الاجتماعي إياد الشوربجي أن المرأة العاملة تختلف عن ربة البيت في حجم المسئوليات والتي تتضاعف في رمضان، بين رعاية الأبناء وتدريسهم والأمور الإيمانية وصلة الأرحام، ما يستنزف وقتاً وجهداً كبيراً.
ويشير إلى أن النساء العاملات يعانين ضيق الوقت في رمضان خاصة مع قصر ساعات النهار، خاصة إذا كان دوامها طويلاً.
ويقول: "الأصل أن تضع المرأة العاملة خطة أو برنامجًا زمنيًّا لالتزاماتها خلال الشهر كاملاً، يكون مرناً وقائماً على التعاون بينها وبين زوجها وأبنائها، أو حماتها إذا كانت تعيش معها، فيرتبون الأولويات سويًّا، بحيث يكون لها نصيب من طاعة الله والعبادة ولا تطغى المسئوليات الأخرى عليها".
ويدعو الشوربجي المرأة العاملة إلى شراء وتجهيز بعض الأمور الأساسية في أطباق الطعام الرمضانية قبل رمضان بمدة، وتجهيز مأكولات الإفطار بشكل يومي بعد التراويح، "ومن الضروري تقنين موضوع الولائم الرمضانية التي تأخذ وقتاً كبيراً".
ويبين أنه في حال إرهاق المرأة لنفسها جسديًّا ونفسيًّا في رمضان سينعكس سلبيًّا على وظيفتها وعلاقتها بأسرتها "فالتوازن مطلوب، ويجب ألا تجعل المرأة العاملة من رمضان وقتاً للضغط النفسي والعصبي، بل فرصة روحانية لخلق أجواء من التآلف والتعاون".
ونصح المرأة العاملة التي لديها أبناء في المرحلتيْن الإعدادية والثانوية بتعويدهم على المساعدة وتخفيف العبء عنها، وتقسيم المهام المنزلية بينهم، مشيرًا إلى أهمية دور الأزواج في تنشئة الأبناء على تحمل المسؤولية، بتحملها وتقديمهم هم أولًا المساعدة لزوجاتهم.