فلسطين أون لاين

منها "أبو مطيبق" و"موقع 16"

تقرير التسلل خلف خطوط الاحتلال.. اختراقات أمنية آلمت (إسرائيل)

...
غزة/ أدهم الشريف:

عندما شنَّ جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على غزة صيف 2014، كان يعتقد أنه سيوجه ضرباته البرية والجوية والبحرية لأهداف مرصودة في القطاع دون رد فعل مقاوم، لكن كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس فاجأته بسلسلة عمليات نوعية في مواقع عدة.

استطاعت القسام عبر خلاياها المدربة والمعدة مسبقًا التسلل "خلف خطوط العدو"، وتحديدًا في مواقع جيش الاحتلال المنتشرة خلف السياج الفاصل بين شرق غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة منذ نكبة 1948، الأمر الذي عدَّه خبراء ومحللون اختراقًا أمنيًا واستخباريًا لمصلحة القسام على حساب جيش الاحتلال.

وبينما كشفت القسام تفاصيل جديدة حول اقتحام قوة تابعة لها موقع "أبو مطيبق" العسكري، اعترفت مصادر إسرائيلية بمقتل 4 من ضباط جيش الاحتلال في عملية للقسام في موقع عسكري شرق بلدة بيت حانون، على بعد 700 متر من مستوطنة "سديروت".

ونفذت القسام عملية التسلل إلى موقع "أبو مطيبق" يوم 19 يوليو/ تموز 2014، بمشاركة 12 مجاهدًا من نخبتها، وأعلنت بعدها تمكنهم من قتل 7 من ضباط جيش الاحتلال وجنوده.

أما اقتحام القسام لما يعرف بـ "موقع 16" العسكري شرق بيت حانون، بتاريخ 20 يوليو من العام ذاته، شارك فيه 12 من نخبة القسام، وتبنت حينها قتل 5 جنود منهم قائد كتيبة، فيما لم يعترف الاحتلال إلا بمقتل 4 من ضباطه بعد 9 سنوات من المعركة، وفق ما أفاد به برنامج بثته القناة "12" العبرية.

أماكن حساسة

وقال الخبير في الشؤون العسكرية العميد رفيق أبو هاني: إن "القسام" تعلم جيدًا أهمية امتلاكها المعلومة حتى تتمكن من مواجهة جيش الاحتلال وضربه في أماكن حساسة.

وأشار أبو هاني في تصريح لصحيفة "فلسطين"، إلى أن القسام في العصف المأكول اتبعت منهجية في استهداف جنود الاحتلال وآلياته، قائمة على وخز الاحتلال في أماكن لا يتوقعها ثم الانتقال إلى منطقة أخرى.

وقد استطاعت القسام بهذه الإستراتيجية وفق أبو هاني، أن تسجل نجاحات في عمليات التسلل في المعركة التي امتدت 51 يومًا.

وأضاف: أن بدء الاحتلال في تسريب معلومات حول عمليات التسلل، يعكس نجاح القسام في الالتفاف خلف الخطوط والضرب في أماكن لم يتوقعها جيش الاحتلال، وجعله في حالة تشتت تفقده القدرة على استشراف مستقبل الضربات المقبلة.

وعدَّ وصف كاتبان ينتميان لمؤسسات عسكرية أمريكية، أداء كتائب القسام بأنه "أكثر احترافية وخطورة من ذي قبل"، لم يأتِ من فراغ، بل تأكدت هذه النظرية بعد عمليات تسلل واشتباك نفذتها "القسام" من نقطة صفر ونجاحها في أسر جنود وضباط إسرائيليين.

وكان الكاتبان أبديا رأيهما في مقالة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، في معركة 2014.

واستدرك: أن مقاتلي القسام يعلمون جيدًا قبل تسللهم لمواقع جيش الاحتلال أن عودتهم شبه مستحيلة تقريبًا، لكن أن يتسللوا عبر الأنفاق ويدخلوا إلى المواقع العسكرية ويشتبكوا ومن ثم يعود بعضهم سيرًا على الأقدام، يعكس مدى القدرة العالية التي يملكها هؤلاء في المواجهة والاشتباك.

وانعكست هذه القدرة سلبيًا على جنود الاحتلال؛ حيث لم يتمكنوا من النزول من الدبابات المصفحة في اجتياح غزة، وفق أبو هاني.

عمليات ناجحة

بدوره، قال الخبير في الشؤون الأمنية محمد لافي: إن شغف مقاتلي القسام للاقتحام والمواجهة أحد الأسباب الرئيسة لنجاح عمليات التسلل والاشتباك من نقطة صفر.

ونبَّه لافي لـ"فلسطين"، إلى أن القسام لجأت إلى تغيير خطتها العسكرية في إحدى العمليات، وهذا يدلل على الاستعداد الاستراتيجي، ويعكس توقعها لما يحدث في الميدان.

ونبَّه إلى أن قوة القسام في "موقع 16" حاولت أسر أحد الجنود، لكن جيش الاحتلال سرعان ما فعَّل نظام "حنيبعل" لإحباط ذلك، ويدلل بذلك على مدى استعداد وشغف القسام لتكرار عمليات الأسر، على غرار ما حصل في يونيو/ حزيران 2006، حيث شاركت القسام في أسر جندي المدفعية جلعاد شاليط.

وتابع لافي: ما اعترف به الاحتلال بشأن عملية التسلل شرق بيت حانون ليس دقيقًا، متوقعًا أن رواية القسام أكثر مصداقية.

وأكد أن الأنفاق سلاح إستراتيجي تتفوق به كتائب القسام على جيش الاحتلال، وبدأ من النفق الذي استخدم في رفح لأسر شاليط، حيث حققت المقاومة به عنصر المفاجأة.

وبين أن تجربة القسام في الإعداد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن "القسام" تتعامل مع الأنفاق كقوة هجومية ولم تُخصصها للانسحاب والتكتيك.

من جهته، قال الخبير العسكري اللواء متقاعد يوسف الشرقاوي: إن جيش الاحتلال يعد أحد الجيوش النظامية في المنطقة، ولديه درجة عالية من التدريب والتأهيل ووحدات للتسلل خلف خطوط العدو، وفي نفس الوقت استطاعت القسام تكوين وحدات خاصة للتسلل خلف الخطوط وتنفيذ العمليات.

وأضاف لـ"فلسطين": أن المعلومات التي توردها تقارير وبيانات القسام يجب أن تؤخذ على محمل الجد، خاصة أنها أثبتت أن لديها وحدات خاصة قادرة على تنفيذ عمليات خلف الخطوط.

وقد أسست هذه العمليات إلى واقع جديد في مواجهة المقاومة لجيش الاحتلال، بحسب الشرقاوي.

وتابع: بالرغم من قسوة عدوان 2014، بسبب كثافة النيران التي استخدمها جيش الاحتلال ضد غزة، إلا أن تسلل مقاتلي القسام في منطقة مرصودة خلف الخطوط يعكس نجاحًا كبيرًا، ولم يكن الاحتلال قادرا على التفريق بينهم وبين جنوده، بسبب ارتداء عناصر نخبة القسام منفذي عملية "موقع 16" زيًا عسكريًا مشابهًا.