في سنة 1974، اتخذ المجلس الوطني الفلسطيني قرارًا بأن يكون يوم 17/4 من كل عام، يومًا للأسير الفلسطيني، وذلك تقديرًا ووفاءً من الشعب الفلسطيني لعدة آلاف من أسراه الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ولتكريم أهالي الأسرى، وفي الوقت نفسه، لحض القيادة التنفيذية للمنظمة لتأخذ بعين الاعتبار أن لديها أسرى مضى على اعتقالهم سبع سنوات ـ في ذلك الوقت ـ والواجب الوطني يقضي بأن تعمل قيادة منظمة التحرير على تحريرهم.
ومضت السنين وتزايد عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بمقدار تنامي العمل المقاوم للمحتلين الصهاينة، حتى وصل عدد الأسرى في السجون الإسرائيلية ذروته بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان سنة 1982، في تلك السنة التي تم تجميع المقاتلين الفلسطينيين والمدنيين بالشباك، وكأنهم أسماك كبيرة، وتم نقلهم بالطائرات المروحية كمعتقلين إلى داخل الأراضي الفلسطينية المغتصبة، لتحتفظ إسرائيل بالعدد الأكبر كأسرى حرب، قبل تجميعهم في معسكر اعتقال كبير في الجنوب اللبناني، تحت مسمى معسكر أنصار.
ومع انتفاضة الشعب الفلسطيني 1987، ومع المشاركة الجماهيرية العظيمة في التصدي للاحتلال، تنامى عدد الأسرى حتى تجاوز عشرة آلاف معتقل فلسطيني، جمعّهم الاحتلال في معسكرات اعتقال، حمل اسم معسكر أنصار 2، وأنصار 3، وهو الاسم نفسه، الذي أطلق على معسكر الاعتقال الذي تجمع فيه أكبر عدد من الأسرى الفلسطينيين في لبنان.
ومع اتفاقية أوسلو والسلام المزعوم، انخفض عدد الأسرى، ولم يبق في السجون الإسرائيلية إلا عدة آلاف، وذلك بالرغم من حرص القيادة الفلسطينية والقيادة الإسرائيلية على تبريد أجواء المقاومة، والتغني بالسلام.
وبالرغم من أناشيد السلام، والاعتقالات التي نفذتها السلطة الفلسطينية ضد كل من يفكر بمقاومة المحتلين رفضت القيادة الإسرائيلية إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين ذوي الأحكام العالية، والمتهمون من الشاباك بأنهم شاركوا في أعمال مقاومة تسببت في مقتل إسرائيليين.
ولما كانت ممارسات الاحتلال لا تنسجم مع مفهوم السلام، اكتشف الشعب الفلسطيني الأكذوبة، وعاد إلى درب المقاومة، ولكن بأسلوب جديد، وبطريقة فيها العزم أشد، والإرادة أصلب، وعادت السجون الإسرائيلية تعج بآلاف الأسرى من جديد، حتى تجاوز الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية 4760 أسير تقريبًا، منهم 34 امرأة فلسطينية أسيرة، ومنهم 160 قاصرًا، ولكن الجديد الخطير، أن من هؤلاء 553 أسيرًا فلسطينيًا محكوم بالمؤبد، وهذا عدد غير مسبوق من المؤبدات، يعكس حجم المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي.
49 سنة والشعب الفلسطيني يحتقل بيوم الأسير، لم ييأس ولم يبخل بالعطاء، ولم يرتعب من التضحيات، وهذه رسالة شعب إلى الـعدو الإسرائيلي، بأننا شعب إذا صُبّت جهنم فوق رأسه، سيظل شامخًا، شعب عنيد، لا ينكسر أمام الشدائد، ولا يلين في طريقه لتحرير أرضه.