يوافق السابع عشر من نيسان في كل عام يوم الأسير الفلسطيني، إذ تنظم الفعاليات والأنشطة لجعل هذه القضية حاضرة في جميع المحافل والمنظمات الدولية، في محاولة للفت نظر العالم إلى ظلم الاحتلال الذي غيب الآلاف من أبناء شعبنا في أقبية مظلمة دون مراعاة لأدنى الحقوق الآدمية لهم وكأنها سياسة متعمدة يمارسها الاحتلال منذ أن وطِئت أقدامه أرض فلسطين.
وفي محاولة منه للسيطرة على شعبنا وإخضاعه بشتى السبل غير المشروعة افتتح المحتل عشرات السجون والمعتقلات التي لا تتوافق مع أبسط قواعد حقوق الإنسان، منها السري ومنها المعلن، ليزج بمئات الآلاف من رجال ونساء وشباب وأطفال فلسطين في ظروف اعتقالية أقل ما يقال عنها إنها عنصرية تسعى إلى طمس شخصية المعتقل، وإخضاعه لشتى ألوان العذاب منذ أن يقع بين جنود الاحتلال وضباط مخابراته، كالتعذيب الجسدي الذي لا يخرج منه المعتقل إلا بمرض مزمن، أو عاهة دائمة، عدا عن أصناف العذاب النفسي الذي يترك آثاره السيئة على المعتقل ما بقي له من الحياة.
إن قضية الأسرى في سجون الاحتلال هي بحق من أخطر قضايا الصراع بيننا وبين المحتل، التي يجب على كل حركة أو تنظيم مقاوم أن يسعى بشتى السبل لإيجاد حل يستطيع أن ينهي معاناة آلاف الأسرى بينهم نساء وأطفال ومرضى ومسنون يختطفهم المحتل في محاولات رخيصة لابتزازهم وإخضاعهم لإرادته.
وأستهجن هنا فعل من يقوم بالتطبيع مع المحتل وتقديم تنازلات حول ثوابت من حقوق شعبنا وقضيتنا، دون أن يجد صراخ الأسرى الذين قضى بعضهم أكثر من أربعين عاماً في أقبية التحقيق وخلف الزنازين والمعتقلات أذنا لديه، بل والأنكى من ذلك يحاول أن يقلل من جهد أي فصيل يسعى إلى إطلاق سراح الأسرى من خلال أسر جنود المحتل المعتدين للقيام بعملية تبادل مع أسرانا، ويقوم بعمليات حساب مشبوهة ليحصي عدد الشهداء بعد أسر الجندي، وكأن المحتل لم يوقع بيننا الشهداء إلا بعد أسر الجنود الصهاينة، أو أن الاحتلال بحاجة إلى مبرر للاعتداء على أرواح شعبنا وممتلكاته.
إن قضية الأسرى في سجون المحتل الصهيوني لا يمكن أن يتم تناولها ردات فعل حول بعض الانتهاكات التي تصل إلى وسائل إعلامنا، أو هبات موسمية كيوم الأسير الفلسطيني وغيره، إنما تتطلب من جميع الفعاليات والفصائل وأبناء شعبنا في الداخل والخارج أن يتم تشكيل هيئات ولجان ومنظمات تسعى إلى تفعيل قضية الأسرى وجعلها القضية الحاضرة أمام جميع المنظمات والمؤسسات العالمية، ويتم حملها مع أي مسئول فلسطيني يغادر أو يستقبل أي وفود أو مسئولين أو شخصيات عربية أو أجنبية، في محاولة لجعلها قضية رأي عام عالمي للتخفيف عن أسرانا داخل سجونهم، ونسعى بشتى السبل لتبييض السجون حتى آخر أسير يعاني.