يدرك منير أبو حرب حجم الأهمية الكبيرة التي يمنحها نسبة لا بأس بها من المجتمع الغزِّي لوجبات الأسماك بأنواعها المختلفة، ولذلك يحرص دائمًا على عرض الطازجة منها بشكل مرتب أمام أبواب المسمكة التي يديرها في سوق معسكر الشاطئ، غرب مدينة غزة.
ويبدي أبو حرب الذي يعمل لديه مجموعة من العمال في بيع الأسماك وتنظيفها للزبائن، اهتمامًا أكبر بأصناف معينة من الأسماك المستخدمة في صنع مأكولات بحرية مفضلة ومحببة لدى المواطنين بغزة، خاصة خلال شهر رمضان.
ومن هذه الأصناف، الجمبري، الكلاماري، الحباري، والسلطعون، وأنواع أخرى من الأسماك؛ هي في الحقيقة ليست في متناول جميع فئات المواطنين في القطاع الساحلي، ويبلغ تعداد سكانه أكثر من مليوني ومئة ألف نسمة.
ويعرض أبو حرب خلال شهر رمضان أصنافًا مختلفة من الأسماك لتلبية رغبات جميع الزبائن الوافدين إلى المسمكة.
وبيَّن أن الطلب على الأسماك في شهر رمضان ليس بالمستوى نفسه في بقية شهور العام، رغم وجود حركة شرائية يصفها بـ"الجيدة".
وتنشط الحركة الشرائية على الأسماك المستخدمة في إعداد وجبات الزبادي، والشوربات، مشيرًا إلى أن الأسعار ترتبط بكميات الأسماك التي يتمكن الصيادون من صيدها والطلب عليها في الأسواق، فعندما تتوافر بكميات كبيرة تنخفض الأسعار، وترتفع عندما تقل كمياتها.
غير بعيد عن متجر أبو حرب ينادي الشاب أحمد بكر، بصوت عالٍ محاولاً اجتذاب الزبائن في إحدى أسواق مدينة غزة لمجموعة كبيرة من الأسماك.
وبينما يقلب بكر حبات البلميدة والصروص وغيرها يرش عليها المياه لضمان استمرار لمعانها، وجذب الزبائن إليها.
ويقول: إن الزبائن الذين أتعامل معهم لا يطلبون إلا الأسماك الطازجة، لذلك أحرص على عرضها بشكل لائق.
وأكثر ما يركز اهتمامه عليه خلال رمضان، الجمبري والحباري، فهذه الأصناف مرغوبة جدًا من المواطنين والمطاعم أيضًا، كما يقول بكر.
ويشير إلى أن الطلب على الأسماك بأصنافها المختلفة والتي تدخل في إعداد مأكولات بحرية يبدأ بعد العاشر من رمضان، لكن هذا الطلب لا يعكس الحركة السوقية في غير رمضان.
ويقول محمد أحمد الذي وقف أمام مسمكة يتفقد بعض الأنواع إنه لا يفضل تناول الأسماك في رمضان، "هي طبق شهي مشوية كانت أم مقلية ولكن في الصيام تشعرني بالعطش".
ويضيف أنه قدم إلى السوق لابتياع بضع السمك من أجل وليمة لشقيقته التي تقضي شهر رمضان هذا العام وسط ذويها بعد سنوات من الاغتراب.
ويتخذ مشتاق زيدان من شاطئ بحر غزة، مكانًا لبيع الأسماك وصنع العديد من المأكولات البحرية كشوربة الأسماك والزبادي، تخلو من التوابل ويستخدم فيها مكونات طبيعية وبحرية أيضًا؛ فهذا سر المهنة الذي لا يبوح به لأحد.
ويقول إنه يستخدم 12 نوعًا من الأسماك في صنع قدر من الشوربة البحرية تصل كلفته إلى 100 شيقل ويكفي أربعة أفراد بالغين.
وأبرز الأصناف المستخدمة في إعداد الشوربات البحرية السلطعون وهو مكون أساسي، وسمك اللوقس، والمنفاخ، والحباري، والجمبري، والاخطبوط، وسمكة العصفور الصخري ذي اللون الأحمر، وصدف البحر بأنواعه المختلفة، وأصناف أخرى.
ويشير إلى أن الزبادي من الوجبات المفضلة لزبائنه؛ وتتكون من الجمبري، والحباري، والمكسرات التي تزين الوجه.
ويستخدم زيدان تطبيقات التواصل الاجتماعي، وخاصة "تيك توك"، للترويج للأسماك التي يتاجر بها، والوجبات التي يصنعها بنفسه.
وفي العادة يلجأ بعض الأشخاص ممن لديهم قدرة على إعداد المأكولات البحرية إلى بيع وجبات الأسماك والزبادي جاهزة للمواطنين خلال رمضان، ويتخذ هؤلاء من ذلك مصدر رزق خلال الشهر الفضيل، لكن هذه الوجبات ليست في متناول جميع المواطنين بسبب تردي الحالة الاقتصادية بغزة، وتراجع الدخل لدى عامة المواطنين.