نرفع الكوفية للكاتب العربي د. محمد صالح المسفر، الذي تبنى مطالب الشعب الفلسطيني، وكتب مقالًا في صحيفة الشرق القطرية، يحث فيها محمود عباس على التنحي، ويقول له: "تنحى عن قيادة الشعب الثائر شعب الجبارين، لأنك قد بلغت من العمر عتيًّا، وثقل وزنك، وذبلت ذاكرتك، وارتعشت يدك، ولم تعد تستطيع تحمّل الهزات السياسية، من أجل الشعب الفلسطيني وكبرياء الأمة العربية، سارع الى التنحي قبل أن ينفرط العقد".
هذه المناشدة يتفق معها كل فلسطيني حريص على الوطن، ويرددها بقلبه ولسانه كل عربي يرى أن قضية فلسطين قضية الأمة كلها، ولا تخص الشعب الفلسطيني وحده، لأن آثار القضية الفلسطينية سلبيًا وإيجابيًا تنعكس على كل الأمة العربية، التي مزقها الأعداء إلى شعوب وقبائل بهدف الاستفراد بفلسطين.
قد يقول البعض: وما شأن ابن قطر ليتدخل في الشأن الفلسطيني؟ لينشغل المسفر ابن قطر بقضايا بلده، وكما لا يحق لابن الجزائر أن يتدخل بالشأن المغربي، فلا يحق لابن العراق التدخل بالشأن السوري، ولا يصح أن يتدخل ابن اليمن بالشأن التونسي، وهكذا، فلكل قطر عربي في السياسة شأن يعنيه، وكل بلد أدرى بواقعه ومشاكله، وعليه فإن تدخل الدكتور المسفر في الشأن الفلسطيني تجاوز للخطوط الحمر، ويعد عبطًا سياسيًا.
أولئك الذين يحصرون مشاكل كل قطر عربي داخل حدوده، ويغلقون على أنفسهم الأبواب، ولا يحبذون التدخل في شؤونهم، هم أصحاب الدكتاتوريات، ولا يعملون بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
وأضعف الإيمان في هذا الحديث تعبئة قلوب مئات ملايين العرب، الذين يتوقون إلى رؤية أرض فلسطين محررة، ويتمنون أن يروا المسجد الأقصى قبلة المسلمين نقيًّا من الصهاينة، بعيدًا عن التقسيم الزماني والمكاني، الذي فرضه الأعداء، ولكن المفكرين والكتاب والمخلصين لوطنهم وقضيتهم ودينهم، أمثال د. محمد صالح المسفر، لا يكتفون بأضعف الإيمان، فقد حباهم الله بلسان يحركونه نصرةً للحق، ورفضًا للمذلة، وهؤلاء تشغلهم قضايا الأمة، ويرون أن مشاكل المغرب ليست بعيدة عن حياة المواطن في الكويت، ويحسبون القلاقل في تونس لها تأثير سلبي على حياة العربي في العراق والسودان، فطالما كانت المصلحة العربية واحدة، والمصير العربي واحد، والأرض العربية الواحدة ممزقة بين دول وممالك، فالواجب يقضي بأن ينبري الكتاب والمفكرون والمبدعون في الدعوة لوحدة المصير، والنطق بلسان مجمل القضايا العربية، التي تتبادل التأثير، ويجمعها وحدة المصير.
في مقاله بصحيفة الشرق يصارح الدكتور محمد صالح المسفر محمود عباس بالحقيقة قائلًا: قل لي بربك ما هي وظيفتك ووظيفة السلطة الفلسطينية إذا لم تدافعوا عن الأرض والعرض؟ قل لي بربك أين تذهب الأموال التي تغدقها عليكم دول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي وأمريكا؟
هذه الحقائق التي نطق بها الكاتب تفتش عن جواب، وتحرج مجمل قيادة السلطة التي تربعت على رأس القرار السياسي الفلسطيني لأكثر من خمسين سنة، دون أن تحقق إنجازًا واحدًا، أو نصرًا مبينًا، قيادة أهدرت الموارد البشرية والعقلية، ولما تزل ترفض الاعتراف بأن الشعب الفلسطيني العملاق، لا يليق به إلا قيادة ترتقي إلى مستوى التضحيات التي يقدمها في الضفة الغربية وغزة والقدس، وفي باحات المسجد الأقصى.