فلسطين أون لاين

كبسولات فقهية

هل يجب الإمساك لمن أفطر نهار رمضان بعذر شرعي؟

...
هل يجب الإمساك لمن أفطر نهار رمضان بعذر شرعي؟
غزة/ ضحى حبيب:

قد يعرض للصائم في نهار رمضان ما يضطره أو يبيح له الفطر، ثم يزول ذلك العارض في نفس اليوم، فهل يلزمه الإمساك بقية اليوم أم يجوز له أن يواصل فطره؟ 

فرق الفقهاء في هذه المسألة بين من أفطر بعذر شرعي ومن أفطر عالمًا بحرمة ذلك كمن أكل أو شرب أو جامع زوجه متعمدًا، واتفقوا على وجوب الإمساك بقية اليوم لمن أفطر متعمدًا، ونقل ذلك الشيخ محمد العثيمين: "لو أن رجلًا أفطر دون عذر، وجاء يستفتي عن إفطاره وفساد صومه هل يلزمه الإمساك أم لا؟ الرد نعم يلزمه الإمساك؛ إذ لا يحل له الفطر، لانتهاكه حرمة اليوم دون إذن الشرع، وعليه يلزم بالبقاء على الإمساك، وعليه القضاء". 

واختلف الفقهاء في لزوم إمساك من أفطر بعذر شرعي ثم زال عذره في ذلك اليوم، فذهب المالكية والشافعية وفريق من الحنابلة إلى عدم وجوبه، وذهب الأحناف وفريق من الحنابلة إلى وجوب الإمساك هنا مع وجوب القضاء. 

 ورجح العثيمين الرأي الأول، وقال: "لا يلزمه الإمساك؛ فقد استباح يومه بدليل من الشرع، فحرمة اليوم غير ثابتة في حقه، وعليه أن يقضيه، وإلزامه بأن يمسك دون فائدة له شرعًا ليس بصحيح". 

وأيد الشيخ يوسف القرضاوي الرأي الأول، حين سُئل عن المرأة الحائض إذا طهرت أثناء نهار رمضان فقال: "يستحب لها الإمساك بقية اليوم ولا يلزمها ذلك، وذهب بعض العلماء إلى وجوب الإمساك عليها، والأول هو الصحيح". 

وذكر العثيمين مثالًا على هذه المسألة: "لو أن رجل رأى غريقًا في الماء، وقال: إن شربت أمكنني إنقاذه، وإن لم أشرب لن أتمكن من إنقاذه، فنقول: اشرب وأنقذه. فإذا شرب وأنقذه فهل يأكل بقية يومه؟ نعم يأكل بقية يومه؛ لأنه استباح يومه بمقتضى الشرع، فلا يلزمه الإمساك". 

ومثل ذلك المسافر الذي أخذ بالرخصة وأفطر، ثم وصل إلى بلده وهو مفطر فإنه لا يجب عليه الإمساك، فله أن يأكل ويشرب بقية يومه؛ فإمساكه لا يفيده لوجوب قضاء يومه عليه، لكن لا ينبغي له أن يأكل ويشرب علنًا.

ونقل العثيمين قول ابن قدامة في كتابه المُغْني حول المسألة: "قال ابن قدامة: فأما من يباح له الفطر في أول النهار ظاهرًا وباطنًا كالحائض والنفساء والمسافر والصبي والمجنون والكافر والمريض إذا زالت أعذارهم في أثناء النهار فطهرت الحائض والنفساء وأقام المسافر وبلغ الصبي وأفاق المجنون وأسلم الكافر وصح المريض المفطر ففيهم روايتان: إحداهما: يلزمهم الإمساك في بقية اليوم، وهو قول أبي حنيفة والثوري والأوزاعي... إلى أن قال: والثانية: لا يلزمهم الإمساك وهو قول مالك والشافعي".