فلسطين أون لاين

لاجئو مخيم برج البراجنة يشكون الفقر وخسارة مستقبل أبنائهم

...
مخيم برج البراجنة
صيدا/ انتصار الدنان:

لا تعرف أم محمد الميعاري وهي من سكان مخيم برج البراجنة، كيف ستمضي الأيام المتبقية من شهر رمضان والذي استقبلته في ظل الارتفاع الكبير في أسعار جميع السلع الأساسية الضرورية لوجبة الإفطار، وخصوصًا الخضروات والدجاج واللحوم.

تقول عن حالها اليومي مع السوق: "أقف حائرة بين أصناف الخضروات الموجودة على الطاولات، فجميعها أسعارها مرتفعة، ولم أعد أستطع شراء كيلو غرام من كل نوع كما كنا نفعل في السابق".

وتوضح المعياري أنها تتناول بضع حبات من كل نوع من الخضراوات تبعًا للطعام الذي تنوي إعداده، آسفة للحال الذي وصلوا إليه، "فنسبة كبيرة من أُسر المخيم لا تستطيع تحمل أعباء الغلاء المعيشي، وكثيرون لا يستطيعون شراء مكونات إعداد صحن الفتوش".

وتبين وهي تشير إلى حبة بصل وحبة بندورة وثلاث حبات من البطاطا وضعتهم في كيسير، أن أسرتها مكونة من خمسة أفراد، وهذه الحبات من الخضار لا تكفي بالطبع، لكنهم يحاولون جاهدين تأمين طعامهم.

وزوج المعياري عامل مياوم يتقاضى مائتي ألف ليرة لبنانية عن كل يوم عمل (12 دولار)، ويدفع نصفها تقريبًا في أجرة الطريق، وما يتبقى ننفقه على الطعام، فربطة الخبز التي تضم ستة أرغفة ثمنها 30 ألف ليرة (2 دولار)، منبهةً إلى أن هذه الأسعار تتغير كل يوم تبعًا لسعر صرف الدولار.

وباتت السيدة الأربعينية حائرة في تدبير قوت يومهم مع تفاقم المعيشة لدى اللاجئين الفلسطينيين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، لكنها تتحول إلى مأساة حقيقية بالنسبة إلى عدد كبير من العاطلين من العمل.

أسعار جنونية

في المقابل تصف فادية العلي واقع الأسعار بـ"الجنوني"، مشيرة إلى أنها تعمل في الوسط الاجتماعي، وتتقاضى راتبًا يجعلها تعتقد بأنها تعيش وعائلتها في وضع أفضل مقارنة بغيرها من سكان المخيم.

وتقول العلي إنها استغنت عن العديد من المأكولات في الشهر الكريم، في ظل هذا الارتفاع المخيف للأسعار، إذ باتت عاجزة عن تأمين ما تحتاجه أسرتها من غذاء.

وتوضح أن الكيلو غرام الواحد من اللحوم وصل سعره إلى مليون ليرة، والدجاج الذي تعده أقل كلفة وصلت أسعاره إلى حد الجنون، "فبتنا نشتري الكيلو غرام، ونقسمه على عدة طبخات، فضلًا عن أسعار الخضروات التي نحتاجها يوميًا لإعداد مأكولاتنا، ونعتمد عليها في رمضان".

وللعلي أخت عندها طفل يحتاج إلى الحليب، باتت عاجزة عن تأمينه، فصارت تغير له نوع الحليب بحثًا عن الأرخص سعرًا، ما أدى إلى إصابة الطفل بالتلبك المعوي ودخوله إلى المستشفى. 

التوقف عن الدراسة

وتفيد معطيات نشرتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في أكتوبر 2022، بارتفاع نسب الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين، وصولًا إلى أكثر من 70%، ما يعني أن غالبية الفلسطينيين المقيمين في المخيمات عاجزون عن تأمين حاجاتهم اليومية.

وذكرت الأونروا بأن هناك تراجعًا في إرسال الأطفال إلى المدارس بسبب ارتفاع كلفة النقل، إضافة إلى نقص في كميات الطعام، وهي أزمة بحاجة إلى أزيد من 13 مليون دولار لدعم قطاعي الإغاثة والصحة.

ويطالب لاجئو المخيمات الفلسطينية في لبنان بتوفير إغاثة عاجلة للفلسطينيين المقيمين في مخيمات لبنان حتى لا يصلوا إلى أوضاع أسوء.

من جهته يقول أبو إبراهيم المقيم في مخيم برج البراجنة: "عندي ثلاثة أولاد، وأحدهم كان يدرس في السنة الثانية بالجامعة، واضطر إلى التوقف عن التعليم هذا العام ليبحث عن عمل، على أمل أن تتحسن الظروف، فيعود إلى الجامعة".

ويبين أن أسعار النقل مرتفعة، وسعر الدفتر الواحد تجاوز المائتي ألف ليرة، وهو يحتاج كل يوم إلى أكثر من 500 ألف ليرة، ما بين مواصلات ونفقات.

ويضيف: "كعائلة بتنا لا نستطيع تأمين ما نحتاجه يوميًا، فدخلي اليومي لا يتجاوز 400 ألف ليرة، والأولاد يخسرون تعليمهم، ولا نعرف ما الذي سيحل بنا في المستقبل".