ما إن تلقى عزام سليم نبأ استشهاد نجله عائد برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي، سارع إلى السجود لله شاكرًا إياه، وعندما انتهى أسند ظهره إلى جدار ووضع كفه على رأسه، وبكى بصوتٍ مسموع.
رافق هذا المشهد اللحظات الأولى لارتقاء عائد سليم البالغ (20 عامًا)، وقد كان والده أول المتواجدين في مستشفى درويش الحكومي بمدينة قلقيلية، شمالي الضفة الغربية المحتلة، حيث أعلن عن استشهاد نجله مساء أول من أمس.
لا زالت عائلة الشهيد سليم تعيش تحت وطأة الصدمة منذ أن غيَّبت رصاصات جنود الاحتلال ابنها قسرًا.
وأورد مروان سليم لصحيفة "فلسطين"، تفاصيل جريمة جنود الاحتلال في قتل ابن أخيه عائد، وعدَّ أنها عملية إعدام علنية.
وبحسبه قوله فإن مجموعة كبيرة من جنود الاحتلال المدججين بالأسلحة داهموا وبشكل مفاجئ مدخل بلدة عزون، وأطلقوا نيران أسلحتهم صوب مجموعة من الفتية والأطفال أثناء لعبهم بعد صلاة التراويح بشكل مباشر ومتعمد.
وقد أصابت 4 رصاصات جسد عائد في منطقة الصدر والظهر، الأمر الذي سبب له نزيف حاد، نقل إثرها على الفور إلى مستشفى درويش الحكومي.
وأضاف عم الشهيد: لم يمضِ وقت طويل حتى أعلن الأطباء استشهاد عائد رغم محاولاتهم لإنقاذ حياته.
وتابع بألم شديد "لقد فتكت الرصاصات الأربعة بجسده الغض وحالت دون أي فرصة لنجاته".
أما عن عائلة الشهيد، فهي كما يقول مروان، لم تتوقع للحظة أن الرصاصات التي دوى صوتها في عزون قد أصابت عائد وأردته أرضًا.
وأضاف: أن أحد الجنود أطلق الرصاص بشكل متعمد تجاه الأطفال وهم يلعبون، واستهدف الأجزاء العلوية من أجسادهم، وهذا ما يؤكده شهود عيان في مكان الجريمة.
وتساءل مروان: ما الذنب الذي ارتكبه هذا الشاب ليقتل بهذه الطريقة؟
اقرأ أيضاً: جماهير غفيرة تشيّع جثمان الشهيد عائد سليم في "عزون"
وكان عائد يعمل في ورشة لإصلاح المركبات، فيما يعمل والده -في منتصف الخمسينيات من عمره- سائق شاحنة.
وبعد رحيله عن هذه الدنيا، تبقى من خلفه شقيق واحد، و5 شقيقات، تجرعوا جميعًا ألم فراق أخيهم.
وبحسب عم الشهيد، فإن العائلة لن تتخلى عن حقها في ملاحقة قتلته بالقانون سواء في المحاكم الإسرائيلية أو الدولية.
وقد نبَّه أيضًا إلى أن عزون تشهد دائمًا انتهاكات جسيمة ترتكبها قوات الاحتلال خلال مداهماتها للبلدة، وتتجلى في المواجهات التي تندلع تنديدًا بجرائم الاحتلال ومستوطنيه.
وتبلغ مساحة بلدة عزون 24 ألف دونمٍ، ويجثم على أراضيها الشمالية 3 مستوطنات إسرائيلية، هي "معالية شمرون" وتأسست عام 1980، و"غنات شمرون" وتأسست في 1985، و"كرني شمرون" وتأسست في 1978.
وشيعت جماهير كبيرة من المواطنين في محافظة قلقيلية، أمس، جثمان الشهيد سليم، إلى مثواه الأخير في بلدة عزون شرق قلقيلية.
وانطلق موكب التشييع من أمام مستشفى درويش نزال ثم إلى بلدة عزون وصولا إلى منزله، وألقت عائلته نظرة الوداع الأخيرة على جثمانه، قبل أن ينقل إلى مسجد عزون الكبير، حيث أدى المشيعون صلاة الجنازة عليه، قبل أن يوارى الثرى بمقبرة البلدة.