يقال إن الإسرائيليين لا يعلمون مكانة الأقصى وماذا يعني للمسلمين، ويقال إنهم يعلمون هذه المكانة جيدا، بل يعلمونها بشكل أفضل مما يعلمها بعض العرب وبعض المسلمين، ولكنهم من حماقتهم يتجاهلون ما يعلمون، ويتصرفون وكأنهم لا يعلمون، كراهة وحقدا على الإسلام والمسلمين.
إن حالهم في علمهم حال أجدادهم في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كانوا يعلمون نعت رسوله الله في كتبهم، وكانوا يعلمون صدق نبوته، ولكنهم كانوا يكتمون نعته، وينكرون نبوته حسدا وكراهة للعرب وأن يخرج فيهم نبي آخر الزمان.
كان كتم أجدادهم لنعت رسوله الله، وإنكار نبوته وبالًا عليهم في الدنيا وفي الآخرة، ففي الدنيا قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرجهم أذلاء من المدينة، وما زالت المدينة المنورة حرسها الله خالية منهم، ولم يجتمعوا معا بعد ذلك التاريخ إلا في عصرنا الحديث في فلسطين المحتلة، بحبل من الناس، من بريطانيا ثم أميركا، وبضعف من المسلمين وخيانة من الحكام، وفي الآخرة هم في جهنم خالدين فيها.
هؤلاء الذين لزمتهم الذلة والمسكنة تاريخا طويلا اجتمعوا في فلسطين وأقاموا دولة وجيشا مدججا بالسلاح، وحسبوا أنهم قادرون على كل من حولهم، وأنهم قادرون على المسجد الأقصى، وأن البيئة مواتية لبناء الهيكل المزعوم، واقتسام الأقصى مع المسلمين مكانا وزمانا، فأرسلوا متطرفيهم، ومجانينهم إليه يقتحمونه وقتما شاؤوا بحراسة شرطتهم، وتغافلوا عن مكانة الأقصى، وجوهر معانيه عند المرابطين فيه، وعند كل مسلم حرّ، فكان أن استعلى المرابطون على همومهم الذاتية لصالح المسجد الأقصى يدافعون عنه بصدورهم العارية ليمنعوا اقتسامه ظلما وبغيا، ولحقت بالمرابطين كل الساحات الفلسطينية بشكل مباشر، وكل حرّ في البلاد الإسلامية بشكل غير مباشر، وكلهم اجتمعوا على ضرورة حماية الأقصى من دنس يهود، ومن مخططات جماعة الهيكل، وحكومة (إسرائيل).
لو أقرّت حكومة دولة الاحتلال بمكانة الأقصى وما يعنيه للمسلمين، لتجاوزت هذا الصراع الدموي المتكرر حول الأقصى، ولا سيما في شهر رمضان المبارك، حيث تشد الأمة رحالها إليه، كما تشدها إلى أخويه في مكة والمدينة.
ما أود قوله: إن الأقصى قنبلة متفجرة لا ترحم من يمسها بسوء، وسيبقى كذلك على مدار التاريخ حتى يأذن الله بإخراج المحتلين منه ومن فلسطين، ولن تتوقف حركة الصراع بمؤتمري العقبة وشرم الشيخ وغيرهما، ولن تتوقف بضرب المرابطين والمرابطات واعتقال بعضهم وطرد آخرين منه. الأقصى دين، ودم يتجدد في شرايين الأمة.