على الساسة الفلسطينيين والمثقفين والمفكرين والإعلاميين الاعتراف بأن حل الدولتين قد مات، وتم دفنه منذ عاثت يد المستوطنين اليهود في مفارق الطرق والممرات والتلال والمساحات الشاسعة حول المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، حتى غدت المساحة المتبقية من الأرض الفلسطينية، والتي تمارس فيها السلطة الفلسطينية السيادة ، لا تسمح بقيام دولة فلسطينية بأي حال من الأحوال.
الاعتراف بهذه الحقيقة المرة ليس عاراً، ولا هو عيب سياسي، وإنما هو وقفة صدق أمام الوطن، ومراجعة للمسار الفلسطيني، وما دون ذلك هو تزييف للواقع، ومخادعة للشعب الفلسطيني الذي بات يدرك بوعيه السياسي أن لا مجال لدولة فلسطينية على الأرض، ولا فرصة في الآفاق للتخلص من الاحتلال من خلال تكرار تجربة الفشل ذاتها.
الاعتراف بالحقيقة المؤلمة بداية تصحيح المسار، وبداية الحوار الفلسطيني الداخلي الهادف إلى بلورة مواقف وطنية واضحة المعالم، تسمح لعموم الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات بتقرير مصيره، وتحديد معالم مستقبله السياسي الذي تمزق على مفارق المصالح الدولية، حتى أمسى لا ينفع معه الترقيع، ولا تجلوه خطوة مصالحة داخلية لا تعتمد التغيير الجذري للسياسة الفلسطينية.
أما نكبة الشعب الفلسطيني فتكمن في غياب المرجعية الوطنية العليا، المرجعية الوطنية القادرة على مراجعة المسار، والقادرة على المساءلة السياسية، والقادرة على المحاسبة، مرجعية وطنية لا تنزه أحداً عن الأخطاء، ولا تبصم على بياض، ولا ترى مصلحة التنظيم أهم من مصلحة الوطن.
الشعب الفلسطيني بحاجة إلى مرجعية وطنية جامعة، ليس لأعضائها مصالح خاصة وامتيازات، مرجعية وطنية لا ترتعب إلا من الشعب الفلسطيني الذي سيمنحها الثقة، ولا تخشى إلا قراره، الذي يكمن لها على مفارق الأخطاء.