الحقيقة التي يجب أن يدركها كل شخص أن أمر الإنسان كله خير، فاللّه عز وجل لا يصيب الإنسان بأمر إلا لخير هو يدركه حتى وإن بدا ظاهره شرًا، كيف لا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له"
للكلمة الشعبية الدارجة "لعله خير" قصة ترويها لنا الحكواتية المقدسية ماجدة صبحي، إذ تدور أحداث القصة حول ملك يُحب الصيد كثيرًا، وكان لديه وزير مقرب يتصف بالحكمة والتقى، وعندما تحل مصيبة ما عليه يردد قائلًا: "لعله خير". وفي صبيحة يوم من الأيام خرج الملك للصيد ورافقه الوزير، وكلما اصطاد الملك فريسة ردد وزيره قائلًا: "لعله خير".
وفي أثناء المسير سقط الملك في حفرة عميقة في الغابة، فردد الوزير قائلًا: "لعله خير". بدا جرح الملك واضحًا وعميقًا في يده، ولما فحصه طبيبه قرر قطع إصبعه خشية أن ينتشر السم في كامل جسمه.
رفض الملك ذلك، ولكن بعد إلحاح شديد من طبيبه قرر المثول للأمر، وعندما علم الوزير بذلك ردد قائلًا: "لعله خير"، فسأله الملك غاضبًا ما الخير في قطع إصبعي؟ فطلب من الحراس وضع الوزير بالسجن، فردد الوزير قائلا: "لعله خير".
وذات يوم من الأيام خرج الملك كعادته للصيد وأثناء مطاردته للفريسة هاجمته قبيلة من القبائل، وقرروا أن يأخذوه قربانًا للتقرب من "الآلهة"، وعندما قام زعيم القبيلة بفحص جسده وجد أن إصبعه مقطوع، ولا بد من تقديم جسد سليم لا يشكو من العلل للآلهة من أجل ألا تحل عليهم اللعنة.
وبعد أن قاموا بإطلاق سراحه، عاد إلى القصر مسرعًا وأمر بإخلاء سبيل الوزير، فقال له: كان في قطع إصبعي خير، فقد نجاني من الموت على يد تلك القبيلة، فما الخير الذي رأيته عندما أمرت بسجنك وقلت لعله خير؟ فقابله الوزير بابتسامة وأجابه: لأن منصب الوزير يتطلب مني مرافقتك في كل خطوة لك سواء داخل القصر أو خارجه، فإذا خرجت معك في جولتك اليوم لكنت أنا من قاموا بتقديمه قربانا "للآلهة" بدلا منك، فأجابه الملك وقد آمن بالقضاء والقدر: لعله خير.
العبرة من المثل أنه يجب أن نجعل الثقة بالله وقدره حاضرة في كل تفاصيل حياتنا، ولا بد أن نجعل آية (البقرة: 216) "وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، بوصلة لنا في كل شؤون حياتنا بما في ذلك المصائب والنوائب التي قد تواجهنا.