فلسطين أون لاين

تقرير المحاصيل الورقية الخضراء.. تنعش أسواق غزة وجيوب العاطلين

...
تجارة الخضار
غزة/ أدهم الشريف:

لا يكل أسعد أبو لحية من النداء والترويج للمحاصيل الورقية الخضراء التي يبيعها في محله الصغير بسوق الشيخ رضوان، شمالي مدينة غزة، ومنها الجرجير والمعروف غزِّيا بـ"الروكا"، التي يشتد عليها الطلب في شهر رمضان من كل عام.

فلا تكاد تخلو مائدة في قطاع غزة، ويزيد تعداد ساكنيه عن مليوني و100 ألف نسمة، من هذا المحصول الورقي الذي يحمل فوائد عديدة لجسم الإنسان.

وفي حين كان الشاب البالغ (28 عامًا) ويعيل أسرة مكونة من 20 فردًا، يصيح لاجتذاب الزبائن "يلا يا روكا"، "يلا يا نعناع"، محاولًا اجتذاب المارة والمتسوقين.

ويقول لصحيفة "فلسطين" حين كان يجهز ضُمة كبيرة من الجرجير مقابل شيقلَيْن: إن شهر رمضان بالنسبة لي موسم مربح جدًا.

ويعمل أبو لحية منذ 8 أعوام في تجارة المحاصيل الخضراء وتشمل: الجرجير، والبصل الأخضر، والجرادة الخضراء، والبقدونس، والنعناع.

وبالرغم من أنه يبيعها طيلة أيام العام، إلا أنه في شهر رمضان يركز اهتمامه على تجارة ثلاثة أصناف هي البقدونس، والجرادة، والجرجير الذي يأخذ حصة الأسد بسبب الطلب المتزايد عليه.

ويضيف أنه يجلب الجرجير من تجار ومزارعين من سكان محافظة خانيونس، حيث تتركز في شرقها زراعته بسبب المساحة الواسعة للأراضي، وخصوبة تربتها، والاعتماد في ريها على مياه "مكوروت" الإسرائيلية.

ويحتاج أبو لحية لتلبية رغبة زبائنه أكثر من 44 كيلو جرامًا يوميًا من الجرجير لوحده، أما بقية أنواع الخضار فهو يحتاج إلى قرابة 25 كيلوجرامًا من كل صنف.

فوائد وإقبال

ويوميًا في شهر رمضان، يحرص محمد فتحي، على شراء الخضروات الورقية من السوق القريب من منزله.

ويقول إن هذه النباتات تعد زينة مائدة الإفطار الرمضاني وحضورها أساسيّ جدًا، ولا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال.

ويوضح أن البقدونس والجرادة عنصران أساسيان في السلطة الخضراء، "ولا غنى عن ورق الجرجير مع طبق الحمص".

ويعزو الاهتمام بحضور الخضراوات الورقية إلى احتوائها على كميات كبيرة من الألياف التي تحسن عملية الهضم والمعادن المغذية.

ويلفت إلى أنه أخذ عادة حضور الخضراوات الورقية على السفرة الرمضانية من والده، فمنذ بدء صوم رمضان في عمر 7 سنوات كان يرافق والده إلى السوق لشرائها.

مهنة تزدهر في رمضان

في حين يتخذ عبد الله مراد من إحدى زوايا سوق الشيخ رضوان مكانًا إستراتيجيًا لبيع الجرجير ومحاصيل ورقية أخرى.

ويعمل مراد البالغ (37 عامًا) في هذه التجارة منذ 17 عامًا، استطاع الاستمرار فيها بالرغم من تقلّب الظروف الاقتصادية بغزة.

ويعرض مراد العديد من محاصيل الخضراوات الورقية على بسطة كبيرة يحتل البقدونس والجرادة والجرجير المساحة الأكبر منها، إضافة إلى الفجل والبصل الأخضر الكزبرة الخضراء.

ويضيف لـ"فلسطين"، أن الإقبال شديد على شراء الجرجير والبقدونس في رمضان، تجعلها مصدر رزق للعشرات من الشبان العاطلين عن العمل في رمضان أو الذين يعملون في مهن لا تلقى رواجًا في الشهر مثل بائعي البراد والبوظة، "فبإمكان من ليس لديه مصدر دخل أن يلجأ لبيعه لتوفير قوت يومه على الأقل، لكن شرط اختيار منطقة تجارية مناسبة يرتادها المواطنون".

ويبيع مراد كميات مجدية من الخضروات الورقية تقدر بنحو 250 كيلو جرامًا يوميًا، ما بين البيع بالجملة لأصحاب المحلات والبسطات، والبيع بالمفرق للمواطنين.

وهو أيضًا يشتريها من تجار ومزارعين من شرق خانيونس، حيث تزرع وتنتج محليًا؛ وهذا ما يؤكده المتحدث الفني باسم وزارة الزراعة بغزة م. محمد أبو عودة.

ذروة الإنتاج

وينبه عودة في حديثه لـ"فلسطين" إلى حرص الوزارة على تشجيع زراعة المحاصيل الورقية التي يستهلكها المواطنون إما في مواسم معينة أو طيلة أيام العام.

وأضاف أبو عودة: أن مساحة الأراضي المخصصة لزراعة هذه النباتات تبلغ 2000 دونم، وتصادف ذروة الإنتاج بحلول شهر رمضان بما يقدر 5 آلاف طن من المحاصيل الورقية.

ويلفت إلى هذه المحاصيل عضوية بشكل كامل تعتمد على الزراعة الطبيعية، "ولا تستخدم فيها المبيدات أو المخصبات إلا بالحد الأدنى، وقيمتها الغذائية كبيرة جدًا".

ويوضح عودة أن الوزارة توجه المزارعين للحفاظ على استخدام طرق المكافحة المتكاملة وبدائل المبيدات على النباتات الورقية التي تستهلك طازجة ويوميًا.

ويؤكد أهمية تحقيق التوازن بين المعروض في الأسواق من هذه المحاصيل والطلب عليها، مشيرًا إلى أن الوزارة تشجع على الاستثمار في زراعات غير تقليدية لتلبية متطلبات الأسواق.

وتحظى الخضروات الورقية بزراعة واسعة في مناطق مختلفة من قطاع غزة طيلة أيام العام، كما يبين عودة، ولا تستورد محاصيلها من الخارج، وتشجع الوزارة على الاستثمار فيها.