حل شهر رمضان على منتفعي الشئون الاجتماعية في قطاع غزة وزاد من معاناتهم بفعل تأخر صرف مخصصاتهم المالية، فلا يجد الكثير منهم ما يكسرون به صيامهم، أو يمسكون عليه وقت سحورهم، ليزداد العبء على كاهل أرباب تلك الأسر.
افتخار حسان من قرية المغراقة الواقعة وسط قطاع غزة، أرملة تعيل 6 أبناء، من بينهم ابنة تركها زوجها وابن يعاني إعاقة، إضافة إلى عائلة ابنها الأصم.
تقول: "نحن عائلة منتفعة من الشئون الاجتماعية نعيش أزمات متتالية، ما إن ننجو من واحدة حتى تأتينا واحدة جديدة".
وتضيف السيدة البالغة (67 عامًا): "جاء رمضان ولا أعرف كيف سأدبر نفسي؟ ففوق الدين اللي عليا زاد أكثر، ومش قادرة أشتري العلاج الخاص بي، خاصة أن المخصصات تأخرت كتير صارلها 6 شهور، والحجة أن الأوروبيين ما حولوا المخصصات المالية".
تذكر حسان أنها تعاني تمزقا في يدها اليمنى فلا تتمكن من إمساك أي شيء بها، إلى جانب غضروف في فقرات العمود الفقري.
تصمت قليلًا لتكمل: "لا أحد يشعر بحالنا ووضعنا، وحالة الترقب التي نعيشها، والانتظار الذي نعيش يومًا تلو الآخر لنعيش شيئًا من أجواء رمضان وطقوسه".
سفرة الإفطار لا تخرج عن العدس وصحن السلطة إذا وجدت الطماطم، وفق حسان، مشيرة إلى أنها تعد الشاي دون السكر، ولا ينقذهم من ذلك إلا إذا تفقدهم جار أو قريب.
وتقول إنها وعائلتها أمسكوا عن الصيام منذ بدء رمضان دون تناولها السحور، "بس نلاقي الفطور نفطره، حتى أنبوبة الغاز فارغة منذ أشهر وأحاول تدبير أموري بإشعال الحطب لطهي الطعام أحيانًا".
وما يزيد من ألمها أن تأخر صرف مخصصات الشئون زاد من الدين المتراكم عليها، فلم تتمكن من تسديد القديم لتسدد الجديد منه، "المشكلة أنه الواحد مش ضامن عمره يموت والدين عليه".
على أمل
أما هنادي جعرور التي تصف حياتها وعائلتها بعد تأخير صرف مخصصاتهم الاجتماعية منذ مدة بأنها "معدمة لا يوجد فيها أي معنى بعد تأخر الشئون التي تعد نبض حياتنا".
تقول: "من قبل كنت أتجهز لاستقبال شهر رمضان بالاعتماد على شيك الشؤون الذي قالوا إنه سيصرف قبل بزوغ هلال رمضان، وهينا استقبلناه بجيوب فارغة (..) ما قدرنا نشتري شيئا من مستلزمات الشهر، بل وزادت المصاريف رغم عدم وجود دخل".
زوجها "جبر" بات لا يقوى على العمل بعد إصابته بغضروف في الرقبة، إلى جانب أنه يعاني مشاكل نفسية، متسائلة عمن سيعيل صغارها التسعة، ويلبي احتياجات ابنها الذي يعاني إعاقة ويحتاج إلى حفاضات خاصة.
وتضيف جعرور: "أصبحت أعاني آلاما في الرأس بسبب الطهي على النار لعدم قدرتي على تعبئة جرة الغاز، ورغم عناء وتعب الصيام على صغاري، بعد عودتهم من المدرسة يقومون بجمع علب الكولا لبيعها وشراء المعكرونة لإعداد طعام الإفطار بدلًا من المجدرة التي باتوا يكرهونها".
ويتقطع قلب الأم عندما يطلب منها صغيرها نوعًا من العصائر الطبيعية التي يسمع عنها من زملائه في المدرسة، أو شراء القطائف، وليس في مقدورها إلا أن تطلب منه انتظار رزق الله لهم، أو الفرج على شيك الشئون.
وتنتظر جعرور بفارغ الصبر صرف مخصصاتهم لعل أحوالهم تتبدل وتضم سفرتهم الرمضانية أصنافًا جديدة من الطعام والشراب، وتتمكن من إسعاد قلب صغارها بكسوة للعيد.
ويستفيد من شيكات الشؤون الاجتماعي نحو 80 ألف أسرة في غزة من أصل 116 ألف أسرة في الضفة والقطاع. وتُصرف مخصصات الشؤون بمبالغ مختلفة تتراوح بين 700 إلى 1800 شيقل، وفق محددات مُعلنة. وتعاني الأسر التي تعتمد بشكلٍ كُلي على تلك المخصصات عسرا شديدا في تدبير شؤونهم المعيشية ومتطلباتها قد تمتد لأشهر في إثر عدم التزام وزارة المالية في رام الله بصرف تلك المخصصات في مواعيدها رغم توفر الأموال بذريعة عدم توافر السيولة.