فلسطين أون لاين

لا يا رجال الخليل المشهد خسارة صافية

نشرت مواقع التواصل الإعلامي صورة للقاء إفطار جماعي أعده رجال أعمال من الخليل، وزعماء عشائر؛ احتفاء بشهر رمضان المبارك، وحضر الإفطار الجماعي ضباط إسرائيليون بزيهم العسكري، وبالطبع لم يكونوا صائمين.

اللقاء استدعى نقدًا وشجبًا من فصائل فلسطينية، واعتبروا دعوة رجال الأعمال لضباط الإدارة المدنية في الخليل عملًا مشينًا، ويتناقض مع الواقع الذي يشهد عدوانًا إسرائيليًّا متواصلًا ضد الأقصى والمصلين فيه، وضد أبناء نابلس وجنين!

ما أودّ قوله تعقيبًا على المشهد، هو أننا عشنا في غزة فترة الاحتلال المشهد نفسه، وكانت أعصاب شبابنا تغلي من داخلها من تصرف التجار ورؤساء البلديات، هذا المشهد أذكره جيدًا، والحقيقة أنه مشهد مستفز ومثير للأعصاب، ومبرراته التجارية والمصلحية غير مبررة، ومن حق الفصائل التي تجاهد، ويسقط أبناؤها برصاص المحتل أن تستنكر ما قام به رجال الأعمال في الخليل.

بالطبع قد يحقق رجال الأعمال بعض المصالح الشخصية المالية والتجارية، ولكن انعكاسات هذا المشهد على القضية الفلسطينية انعكاسات سلبية، فمثلًا يمكن للإعلام الصهيوني أن يستفيد من الصورة التي تقدم ضابط الركن وسط الأعيان والتجار، على أنها صورة لحياة مشتركة فيها التعايش والمودة واحترام الدين والمقدسات، وهذه الصورة تخدع المشاهدين الغربيين، ومن ثمة هم يرفضون الصورة التي يقدمها الفلسطيني لهم عن عمليات القتل التي يقوم بها الإسرائيليون، وهذا شكل من أشكال الخسارة.

لقد حرص ضابط الركن أن يحضر لقاء الإفطار بزيه العسكري، وكان يمكنه أن يحضره بلباس مدني، ولكنه تعمد لبس الزي العسكري من أجل هذه الصورة، التي صبغها بابتسامة عريضة للغرض نفسه!

هل كانت دعوة ضابط الركن للإفطار الجماعي، وهو يهودي لا يصوم رمضان، ضرورية؟ وهل كان رجال أعمال الخليل، ورجال العشائر سيتضررون هم وسكان الخليل إذا لم يقدموا دعوة لضابط الركن للإفطار؟

هذه الأسئلة وغيرها يجدر أن يتدبرها رجال الأعمال ورجال العشائر، والأجوبة عليها تقول، إنه لا ضرر على أهل الخليل إذا ما أهملوا دعوة ضابط الركن للإفطار، وهذه الدعوة لن تنقل ضابط الركن من خانة العداء لخليل الرحمن، إلى خانة الصديق، ولن تؤثر على السياسات التي يقررها قادة الجيش في (تل أبيب).

اللقاء خسارة صافية لرجال العشائر ولرجال الأعمال، ومكاسب صافية لجيش الاحتلال وللإعلام الإسرائيلي، وتمتد الخسارة بالإساءة للمقاومة، وللقضية الوطنية، ولا يمكن اعتبار هذا اللقاء من السياسة والدبلوماسية البتة، بل قد ينظر له المتدينون أنه حالة من حالات الولاء لأعداء الله الذي يجرح عقيدة الولاء والبراء، وهو أمر لا أود مناقشته، وأنا أنظر في المشهد نظرة محلل سياسي، ولكن من حق العلماء أن ينظروا فيه نظرة الفقيه، وهنا ستتشكل خسارة وطنية أخرى.