فلسطين أون لاين

يؤخر وصول المواطنين إلى بيوتهم في موعد الإفطار

النبي صموئيل.. قرية معزولة يفسد الاحتلال على أهلها أجواء رمضان

...
قرية النبي صموئيل
القدس المحتلة - غزة/ هدى الدلو:

لم تشعر نوال بركات بأجواء شهر رمضان الذي تعودت معايشتها في قرية النبي صموئيل ككل عام، فقد غابت الزينة الرمضانية والفوانيس عن شوارع القرية وجدران بيوتها، وخيم الحزن على عائلات بأكملها بفعل ما حدث فيها.

فقبل ما يقارب ثمانية أشهر اعتصم أهل القرية لأجل تسليط الضوء على معاناتهم، ووقف انتهاكات الاحتلال وإجراءاته العنصرية في القرية التاريخية، والمطالبة بإزالة الحواجز العسكرية على مداخلها، فاعتدى عليهم المستوطنون واعتقل جيش الاحتلال العشرات من شباب القرية ومن بينهم زوجها وأبناؤها الاثنين ليغيبا عن المائدة الرمضانية، ما ينغص عليها الأجواء الرمضانية التي تنتظرها.

تشغل بركات رئيسة جمعية نسوية النبي صموئيل الخيرية، وتصف الوضع في القرية بـ"المأساوي والصعب سواء في شهر رمضان أو في باقي أيام العام بفعل الحصار والعزلة التي نعيشها في القرية".

وتقع قرية النبي صموئيل على أعلى تلة شمال غربي القدس المحتلة، وهي ذات موقع إستراتيجي مميز جعلها مطمعًا للمحتل؛ كونها على أعلى قمم القدس، وكاشفة لمحيطها. 

عزلة وحرمان

وتعيش القرية في عزلة عن المدينة المقدسة ومدن الضفة الغربية بسبب جدار الفصل العنصري، لتصبح أشبه بسجن، وفق بركات.

وتوضح لـ"فلسطين" أن القرية يسكنها حوالي 250 فلسطينيًّا محرومين من أبسط حقوقهم الحياتية، ويعانون سياسة الإهمال والتهميش من الاحتلال والسلطة الفلسطينية، إلى جانب انعدام المقومات الحياتية والإنسانية فيها، لدرجة أن أهلها يطلقون عليها اسم "القرية المنسية السجينة".

قبل احتلال القرية عام 1967 كانت مساحتها تبلغ 3500 دونم، صادر الاحتلال مساحات كبيرة منها لمصلحة فباتت لا تتجاوز 1050 دونمًا، إذ استخدمت سلطات الاحتلال "قداسة المقام" كذريعة لمصادرة أراضي القرية، لبناء مرافق ترفيهية حول الموقع الأثري.

وتقول بركات: "منذ احتلالها وحتى هذا اليوم يحرم أهالي القرية من البناء بذريعة أنها حديقة قومية ومنطقة أثرية، فأي بناء أو تشييد يتم هدمه فورًا كما حدث عام 1971، حين هدم الاحتلال 80% من مبانيها".

ويعيش حاليًّا في القرية نحو 300 فلسطيني، وهي تجذب العديد من السياح والزائرين، خاصة أنها تعتبر من أعلى تلال القدس، وتشرف على المدينة المقدسة.

غير أن حواجز الاحتلال العسكرية على مداخل القرية، تجعل الحياة في القرية أشبه بسجن، إذ يضطر السكان لتسجيل أسمائهم عند الدخول والخروج منها، وتحول هذه السياسة دون ممارسة الأهالي لطقوس رمضان كإقامة الولائم الرمضانية، إذ يمنع الزوار من الدخول إليها في صورة من صور العقاب الجماعي ودفع السكان للهجرة القسرية.

وتشير بركات إلى أن القرية تفتقد إلى المحلات التجارية والمواد الغذائية، فتضطر العائلات لقطع مسافات طويلة سيرًا على الأقدام لجلب المؤن من القرى المجاورة، حيث تمنع المركبات من دخول القرية أو يضطر المواطن للانتظار ساعات خارج الحاجز لتأتي سيارة بناء على طلبه.

مضايقات وإجراءات استفزازية

ويجد سميح بركات من سكان القرية وغيره معاناة كبيرة في الدخول إلى مكان سكناهم، فالقرية محاصرة من ثلاث جهات، ولا يسمح الاحتلال لسكانها بالدخول إلا بعد إبراز الهوية الشخصية لإثبات أنه من سكان "النبي صموئيل".

يقول لـ"فلسطين": "في رمضان تحديدًا تزداد مأساتنا بسبب مضايقات الاحتلال على الحاجز، وتأخير مرور المواطنين ووصولهم إلى بيوتهم قبل موعد الإفطار، وحتى في إدخال المستلزمات والاحتياجات الأساسية فإنه يتم إدخالها بصعوبة".

ويواجه بركات وأهالي القرية مضايقات يومية من المستوطنين، وكذلك إجراءات استفزازية من الجيش، فمن يريد شراء الخبز أو أي شيء من المواد التموينية يضطر للانتظار ساعتين على الحاجز قبل السماح له باجتيازه.

ويوضح أن اعتداءات المستوطنين تطال ممتلكاتهم وأراضيهم عبر المصادرة وسرقة السياج المحيط بالأراضي، وتخريب وتجريف الأشجار وقطعها، "من أجل التضييق علينا وقطع أرزاقنا، والاستيلاء على تلك الأراضي بالكامل".

ومن صور إفساد أجواء رمضان في قرية النبي صموئيل، كما يُحدث بركات، منع مسجد القرية من رفع الآذان ومصادرة مكبرات الصوت ووضع كاميرات مراقبة وأسلاك شائكة حول المسجد لإبقائه مهجورًا ومنع المصلين من الصلاة فيه.

ويلفت إلى أن عدم اكتراث السلطة الفلسطينية لمعاناة أهالي القرية، وعدم بذل أي جهد لتوفير احتياجاتها يزيد وضع "النبي صموئيل" صعوبة.

ويوجد في القرية موقع قبر يعتقد أنه للنّبي صموئيل عليه السّلام، ومنه اكتسبت اسمه، ويعد مقاماً مُقدساً للمسلمين والمسيحيين واليهود لقرون طويلة، ويعود بناء مسجد النبي صموئيل إلى عام 1720.

وتشير المصادر التاريخية إلى أنه في عام 1099 احتل الصليبيون القرية، وأطلقوا اسم "جبل البهجة" على تلة القرية، نظراً لأنها مكنتهم من مشاهدة مدينة القدس من بعيد لأول مرة، وفيما بعد حرر صلاح الدين الأيوبي القرية من أيدي الصليبيين، وحوّل القلعة البيزنطية إلى مسجد، وقد جعل الموقع الإستراتيجي للمسجد منه محطاً لأنظار الغزاة الذين سعوا إلى السيطرة عليه، لكونه نقطة مشرفة على مدينة القدس.