فلسطين أون لاين

لمصلحة من يمنع الاعتكاف في المسجد الأقصى؟

في البداية لا بد من الاعتراف بأن مواجهة الهجمة الصهيونية المتطرفة على المسجد الأقصى، لا تكتمل إلا بشد الرحال، والنفير الدائم للصلاة والإقامة في أروقة أولى القبلتين، حتى لو وصل الأمر إلى الاشتباك مع عدوٍ، يخطط ويرتب على مدار الساعة، للسيطرة المطلقة على المكان، ويدعي كذباً أن المسجد الأقصى أقيم على أنقاض "جبل الهيكل" وأن "الديانة اليهودية" لا تكتمل إلا بالعودة إلى قدس الأقداس، وهدم المسجد الأقصى، وإقامة "جبل الهيكل" المزعوم.

الأيام القادمة ستشهد تكثيف الهجوم الصهيوني الديني المتطرف على المسجد الأقصى، وهناك دعوات من جماعة "أمناء الهيكل" المزعوم وغيرهم من المتطرفين لإقامة الطقوس الدينية الزائفة، بما في ذلك ذبح القرابين في أروقة المسجد الأقصى، وذلك يوم الأربعاء الموافق 14 رمضان، وبالتحديد في تمام الساعة العاشرة ليلاً، مع انتهاء "أعياد الفصح" عند اليهود.

توقيت تقديم القرابين عند اليهود، يوم الأربعاء، بعد العاشرة ليلاً، يثير لدينا الشك بأن قرار مجلس الأوقاف القاضي بمنع المسلمين من الاعتكاف في باحات المسجد الأقصى طوال أيام الأسبوع، واقتصار الاعتكاف في الأقصى على ليلتي الجمعة والسبت، والعشر الأواخر من رمضان، هذا القرار تم بالتنسيق والتعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، وقد جاء ضمن اتفاق توصل إليه الذين اجتمعوا في العقبة، وشرم الشيخ في الفترة السابقة، ضمن خطة منع التصعيد، وتحقيق "التهدئة".

لقد أكد على تلك الحقيقة مدير دائرة أوقاف القدس، الشيخ عزام الخطيب، حين سئل من موقع عربي 21، عن سبب اقتصار الاعتكاف في المسجد الأقصى على يومي الجمعة والسبت، والعشر الأواخر من رمضان، فقال: "هذا موضوع سياسي، لا أستطيع أن أتحدث فيه، هنالك بعض الأمور فوق طاقتنا، لا أكثر ولا أقل".

ولتبرير قرار اجتماع العقبة وشرم الشيخ بمنع اعتكاف المسلمين في المسجد الأقصى طوال أيام شهر رمضان، ناقض الشيخ عزام الخطيب نفسه، حين قال: الازدحام كان السبب في منع الاعتكاف، وقد فتحنا مساجد البلدة القديمة للاعتكاف، ثم ناقض مدير دائرة الأوقاف الحقائق التاريخية حين قال: الاعتكاف كان يقتصر على العشر الأواخر في رمضان، ولم يكن هنالك اعتكاف في أيام الخميس والجمع، حتى في فترة ما قبل احتلال المسجد الأقصى. 

حديث الشيخ عزام الخطيب جاء منسجماً مع حديث وزير الأوقاف الأردني محمد الخلايلة، الذي قال في حوار تلفزيوني بثته قناة "المملكة" الأردنية: "جرى العرف في المسجد الأقصى منذ عام 1967 أن تُفتح الأبواب للاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان".

ولكن الحقائق التاريخية العنيدة تقول:

اعتكاف المسلمين في المسجد الأقصى كان قائماً في الزمن الأردني، وفي زمن الاستعمار البريطاني، وقبل ذلك في زمن الدولة العثمانية.

ولمزيد من التأكد، ففي سنة 2015، ومع انتفاضة السكاكين في الضفة الغربية، نجح المسلمون في الاعتكاف في أروقة المسجد الأقصى طوال أيام شهر رمضان.

وقد تكرر الأمر سنة 2022، وبعد الاشتباك، نجح المسلمون في الاعتكاف في المسجد الأقصى من اليوم السابع من شهر رمضان، وحتى نهاية الشهر.

ويبقى السؤال: لمصلحة من يمنع الاعتكاف في المسجد الأقصى؟ وقد بات من البديهيات أن تواجد المسلمين يحول دون تفرد الصهاينة بالمكان المقدس، وأن منع المسلمين من الاعتكاف هو مطلب صهيوني، يسهل على المتطرفين تقديم القرابين في أعيادهم.

فهل تجاوز التنسيق والتعاون الأمني اعتقال النشطاء والفاعلين ضد الاحتلال، ليصل إلى اعتقال المسجد الأقصى نفسه، وتقديمه قرباناً للصهاينة في أعياد الفصح؟