تواصل حكومة الاحتلال الأكثر تطرفًا اتخاذ المزيد من القرارات الخطيرة لاستهداف شعبنا الفلسطيني، وارتكاب مزيد من الجرائم بحقه وكان أبرز هذه القرارات سعيه إلى تشكيل (حرس وطني) لتعزيز القوات الأمنية العاملة على الأرض، وإنجاح السياسات الإجرامية التي يسعى لتنفيذها ما يسمى بوزير الأمن الوطني "إيتمار بن غفير"، وقد جاء الكشف عن هذه الخطوة بعد أن هدد بن غفير بالانسحاب من الحكومة وإسقاطها، واستغل الاحتجاجات المتصاعدة داخل دولة الاحتلال ضد التعديلات بالجهاز القضائي في ابتزاز نتنياهو، ودفعه للموافقة على هذا القرار.
وتبلورت هذه الفكرة بالأساس بضرورة تشكيل "الحرس الوطني" بعد اندلاع أحداث "هبة الكرامة" التي وقعت في مايو/أيار 2021، وذلك بعد المواجهات التي اندلعت مع فلسطينيي 48 الذين خرجوا للدفاع عن أنفسهم عقب إقدام عصابات المستوطنين على تنفيذ اعتداءات واسعة، إذ شعر العدو الإسرائيلي بمخاطر وتحديات جديدة فرضت عليه التفكير في تشكيل قوة أخرى تكون قادرة على التعامل مع مثل هذه الأحداث والتطورات.
وفي حال تشكيل "الحرس الوطني"، سيكون تحت مسؤولية وقيادة بن غفير بصفته وزيرًا للأمن الوطني، ويمكن أن يضم هذا التشكيل عناصر أمن، وجنودًا وضباط سابقين، وفرقًا خاصة من العصابات الدموية، وعناصر متطرفة لديها أنشطة مستمرة في مواجهة الفلسطينيين، ومن المرجح أن تمارس هذه الفرق انتهاكات وجرائم مروعة بحق شعبنا بشكل أكثر خطورة مما تمارسه الأجهزة والوحدات الحالية في محاولة يائسة لخلق حالة من الردع واستعادة الأمن.
وقد نجح بن غفير في فرض موضوع تشكيل "الحرس الوطني" ضمن بنود الاتفاق الائتلافي لتشكيل الحكومة مع نتنياهو، لكن الأخير وافق من حيث المبدأ على الفكرة ليتمكن من تشكيل الحكومة وتجاوز النقاط والبنود الخلافية، واستمر في المماطلة فيما يتعلق باتخاذ "القرار الفعلي" للبدء في تشكيل الحرس الوطني لأسباب متعددة ومن أبرزها: اعتراض بعض القوى السياسية، وعدم موافقة جزء كبير من قيادات المؤسسة الأمنية، إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة، أو الفارقة حين ابتزه بن غفير بعد أن تفاقمت الأزمة السياسية الحالية، ما دفعه للموافقة واتخاذ قرار بضرورة تشكيل الحرس الوطني.
إلا أن القرار الأخير أثار غضب قطاعات واسعة داخل الكيان وفي مقدمتهم قادة الأجهزة الأمنية والشرطة وضباط الاحتياط، إذ وصف الحرس الوطني بـ(الجيش الخاص ببن غفير)، الأمر الذي سيخلق تحديات كبيرة أمام هذا القرار خصوصًا في ظل اتساع رقعة الاعتراضات حول تشكيله؛ على اعتبار أن القرار يمثل انقلابًا على عمل المؤسسة الأمنية، لكن وعلى الرغم من الخلاف الحالي بين المكونات الصهيونية فيما يتعلق بتشكيل الحرس الوطني فإن واجبنا كفلسطينيين أن نناضل من أجل فضح قرارات هذه الحكومة، وكشف نواياها الإجرامية بتسليط الضوء على أي خطوة تقدم عليها، وفي مقدمتها تشكيل هذه المليشيات التي تضم عصابات تتعطش للانتقام من الفلسطينيين وسفك المزيد من الدماء.