فلسطين أون لاين

تقرير التربية الإيمانية والاجتماعية.. رمضان فرصة لتقويم السلوكيات

...
التربية الإيمانية والاجتماعية.. رمضان فرصة لتقويم السلوكيات
غزة/ هدى الدلو:

بدا شهر رمضان هذا العام مميزًا للطفل سميح عبد الرحمن (10 أعوام) حيث يخوض فيه تجربة صيام، فاستثمرت عائلته الفرصة لتعويده على الالتزام بعبادة الصلاة والمواظبة عليها في أوقاتها.

تقول والدته: "سميح ابني البكر وكنت متحمسة لتعليمه كل شيء، ولكن الأمر لم يكن سهلًا، فقررت أن أستثمر الشهر الفضيل لأجل تعويده على عبادات دينية وعادات اجتماعية في شهر رمضان المبارك وتحبيبه بها، فهو فرصة مثالية لتعزيز القيم في نفوس أبنائنا إلى جانب بعض المهارات والأنشطة ومشاركتهم بطريقة تجعلهم يتحمسون في الأعوام القادمة لاستقبال الشهر بفرحة وسعادة".

وتلفت إلى أنها بدأت بتعليم ابنها الصلاة وهو في سن سبع سنوات، ولكنه أرهقني ولا يزال يقطع في أدائها.

وتضيف: "شعرت في رمضان أن الأمر بات مختلفًا حيث يداوم على مرافقة والده إلى المسجد وخاصة في صلاة التراويح، وتمكن من تثبيت بعض السور التي حفظها من القرآن".

وقد عملت والدة سميح على تخصيص ركن في إحدى غرف البيت للصلاة وقراءة القرآن، ووضعت به سجادات الصلاة والمصاحف والمسابح، وبعضًا منها خاص بالطفل، لتشجيعه وإخوته على الصلاة وحفظ بعض الأدعية وسور القرآن، إلى جانب إتاحة الفرصة للمشاركة في الجمعات العائلية.

الطفلة ميرا مسعود (7 أعوام) فتعيش رمضان هذا العام فرحة جديدة، حيث تخوض تجربة الصوم يومًا كاملًا للمرة الأولى متجاوزة مرحلة التدريب، كما تخبر أمها.

وتقول والدتها أنها في الأعوام الماضية صامت صومًا متقطعًا، قررت هذا العام مع قدوم شهر رمضان مشاركتها في شراء الزينة كالفوانيس والملصقات الملونة والنجوم وصناعة بعضها ليحتفلوا سويًا باستقباله، وتشجيعها على صيام بعض الأيام كاملة.

التربية بالقدوة

ومن جهته يتحدث الاختصاصي التربوي والنفسي د. إبراهيم التوم بأن شهر رمضان يشكل بطابعه والعبادات التي تؤدى به من صوم وصلاة وقراءة القرآن واجتماع أسري فرصة مثالية لتدريب الأطفال على العديد من المفاهيم الدينية والاجتماعية، ولكن هذه العملية ليست بالأمر السهل والتلقائي بل تحتاج إلى تدريب وتتطلب جهدًا وطاقة.

ويقول: "شهر رمضان فرصة الآباء والأمهات لتقويم السلوكيات والعادات السلبية عند أطفالهم واستبدالها بسلوكيات إيجابية، ويكون ذلك بشرح بعض القصص والمواعظ الدينية بأسلوب لطيف يتناسب مع أعمار أبنائنا".

ويوصي التوم بضرورة أن ينتبه الآباء والأمهات لفكرة القدوة خلال رمضان وكيف يمكن توجيههم إلى نماذج وقدوات من السيرة النبوية وصحابة رسول الله، فالصوم رسالة تربوية تهدف إلى تعويد الناس على الصبر والتحمل، والمحافظة على النعم وعدم الإسراف فيها وتبذيرها.

ويضيف: "كما يجب تعويد الأطفال على التواصل الاجتماعي مع أقرانهم في الشارع أو الحي، وتشجيعهم على ممارسة الألعاب الشعبية الجماعية في رمضان"، لافتًا إلى أن الأطفال من عمر 5 إلى 7 سنوات يكونون مدركين للمحسوسات وبإمكانهم التمييز بين الثنائيات مثل الجنة والنار، الحق والباطل وتكثر أسئلتهم عن الله وعن اليوم الآخر.

عادات وأنشطة

ومن العادات التي يمكن تعويد الطفل عليها، المشاركة في الأعمال التطوعية، والتصدق من مصروفه الخاص، وتجهيز حصالة لرمضان يضع فيها جميع أفراد الأسرة جزءًا من مصروفهم لمساعدة الفقراء، وفق ما ذكر.

ويبين التوم أن للأهل دورًا كبيرًا في تعويد الطفل منذ الصغر على تعلم عادات هذا الشهر الفضيل هو فرصة مثالية لتربيته على القيم الدينية والأخلاقية منذ طفولتهم المبكرة، وتهذيب سلوكهم عن طريق اللعب والترفيه والأنشطة المختلفة، كتشجيعه على صلاة الجماعة مع الأسرة وتشجيعه على صلاة التراويح مع أفراد أسرته.

ويذكر التوم من النشاطات التي يمكن ممارستها، قراءة قصص السيرة النبوية والأنبياء والصحابة، والمساعدة في إعداد مائدة الإفطار ليشعر الطفل بلذة الصيام ويقبل عليه، ويخلق ذلك جوًّا من المحبة والألفة بين جميع أفراد الأسرة وهذا يعزز جو شهر رمضان المبارك.

ويؤكد ضرورة عدم إجبار الطفل على الصيام بل بالمحبة واللطف، ويمكن تعويده بصيام بضع ساعات والتدرج بزيادة ساعات صيامه حتى لا يشعر بالمشقة وينفر من الفكرة، ويجب على الأسرة مكافأة الطفل بهدية قيمة حتى لو كانت شهادة تقدير يستلمها يوم العيد ليشعر بالسعادة وأنه يستحق التقدير على ما فعله خلال شهر رمضان.

ويلفت التوم كذلك إلى الابتعاد عن الأمر المباشر بالصلاة أو التعديل عليه لأن وقت الأمر لم يحن بعد، وهذا وقت ترغيب وتحبيب بالصلاة والعبادات المختلفة.

وختم حديثه بالإشارة إلى دور المدرسة التكاملي مع الأسرة والعكس، "فكلاهما منظمة تربوية متكاملة، من خلال تدريب الطفل على أنشطة تعليمية لإمتاعه باللعب وقراءة والصناعة الفنية، وتنفيذ مسابقات دينية، وعرض أفلام وثائقية حول التاريخ الإسلامي".