يكابد اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، ضنك الحياة من أجل توفير احتياجات أسرهم في ظل تردي أوضاعهم الاقتصادية، وتهاوي سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأخرى، وشح المواد الغذائية وارتفاع أسعارها.
ويصف اللاجئ محمد حجاج، الذي يسكن في محافظة اللاذقية، الأوضاع التي وصل لها اللاجئون الفلسطينيون في سوريا بالسيئة جدًا، وعدم قدرة الأهالي على توفير طعام الإفطار أو السحور، لندرة العمل وعدم امتلاكهم الأموال الكافية، وشح المواد الغذائية في الأسواق وارتفاع أسعارها.
وقال حجاج، في حديث له مع صحيفة "فلسطين": إن شهر رمضان هذا العام يأتي في ظل أوضاع صعبة جدًا من جراء تهاوي الليرة السورية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق ارتفاعًا جنونيًا.
وذكر أن معظم اللاجئين لا يقدرون على شراء احتياجاتهم من جراء ارتفاع أسعارها ارتفاعًا يفوق دخلهم الشهري.
ولفت حجاج، الذي يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد، إلى أنه يقصد أبواب المؤسسات الإغاثية والخيرية التي تنشط في شهر رمضان من أجل توفير جزءٍ من احتياجات عائلته في ظل الفقر المدقع الذي يتعرضون له.
وعاد حجاج، وهو أحد المهجرين من مخيم درعا، قبل ستة أشهر إلى سوريا، بعد أن مكث نحو سبعة أعوام في لبنان، بسبب الأحداث التي شهدتها سوريا، ولتدهور أوضاعه الاقتصادية وغلاء الأسعار الفاحش في لبنان، وعدم قدرته على التكيف هناك.
وكان مسح اجتماعي واقتصادي أجرته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في سوريا، صدر بداية العام الجاري، أظهر أن حالة الفقر والعوز وعدم قدرة اللاجئين على تحمل تكاليف الحياة دفعتهم إلى العودة إلى سورية بالرغم مما تشهده من تدهور اقتصادي كبير.
وبيَّن المسح أن عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين عادوا إلى سوريا في شهري 9 و 10 من عام 2022، وصل إلى 780 لاجئًا، منهم 460 لاجئًا من فلسطينيي سوريا عادوا من لبنان والأردن، فيما عاد 320 لاجئًا فلسطينيًا من دول أخرى.
ويعتمد علاء صلاح، لتسيير أموره الحياتية على الحوالات المالية التي تصله من أشقائه الذين سافروا إلى أوروبا بداية الأحداث السورية، من أجل تلبية احتياجات أولاده.
وأكد صلاح، الذي يقيم في مخيم درعا، لصحيفة "فلسطين" صعوبة الحياة في سوريا، لافتًا إلى أن المساعدات التي يحصل عليها من إخوته وبعض المؤسسات الخيرية تمكنه من العيش المقبول.
وقال: "لولا ما يصلني من حوالات مالية لما تمكنت من تلبية احتياجات أبنائي الثلاثة، في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني"، مؤكدًا أنّ العديد من اللاجئين يعانون الفقر الشديد نظرًا لتأخر المساعدات التي تصلهم من "أونروا" والمؤسسات والجمعيات الخيرية عن توفير احتياجاتهم.
اقرأ أيضاً: تقرير فلسطينيو سوريا يودعون عامًا "ثقيلًا".. فهل يتنفسون الصعداء العام القادم؟
ولفت إلى أن الـ200 ألف ليرة السورية التي يحصل عليها من وكالة الغوث كل أربع أشهر لا تغطي ما يحتاجه أولاده لأسبوعين في أبعد تقدير من جراء تهاوي الليرة السورية مقارنة بالعملات الأخرى، وارتفاع الأسعار بين شهر وآخر.
أوضاع مأساوية
وأكد الناشط في شؤون اللاجئين بسوريا المحامي رامي جلبوط، أن مئات اللاجئين الفلسطينيين عادوا إلى الإقامة في بيوت مهدمة في مخيمات اللجوء التي دمرت بسبب الأحداث السورية في السنوات الماضية للإقامة فيها لعدم تمكنهم من توفير أجرة المنازل المستأجرة.
وأرجع جلبوط، في حديثه مع صحيفة "فلسطين" عودة اللاجئين للإقامة في المنازل المهدمة التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة، بسبب غلاء أسعار المنازل المستأجرة وعدم قدرتهم توفيرها وتلبية احتياجات عائلاتهم من مأكل وملبس.
وبين الناشط في شؤون اللاجئين، أن العديد من العائلات الفلسطينية تشترك في نفس السكن بالرغم من ضيق المكان وما ينتج عنه من مشكلات في محاولة منهم لتوفير جزء من الأموال لإعالة أسرهم.
ووصف شهر رمضان هذا العام بأنه الأقسى على اللاجئين جراء فقدان العملة السورية قيمتها وانعدام القدرة الشرائية، وشحّ المواد الغذائية الرخيصة في الأسواق، وارتفاع الأسعار ارتفاعًا جنونيًا، وانعدام فرص العمل.
احتياجات ضرورية
فيما ذكر مسؤول ملف المهجرين من سوريا إلى لبنان في الجبهة الديمقراطية أركان بدر، أن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا مزرية جدًا وتزداد سوءًا بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها الأراضي السورية التي تلقي بظلالها على اللاجئين.
وقال بدر لصحيفة "فلسطين": "إن معاناة اللاجئين في سوريا تزايدت مع بداية شهر رمضان من جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض قيمة الليرة السورية، وعدم قيام "أونروا" بالدور المطلوب منها لتوفير خطة طوارئ إغاثية شاملة ومستدامة للاجئين وتنصلها من واجباتها بذريعة العجز في الموازنة.
ودعا بدر، المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته وأن تقوم وكالة الغوث، بواجباتها تجاه شعبنا في سوريا، والعمل على توفير خطة طوارئ إغاثية شاملة ومستدامة لتوفير الاحتياجات الأساسية والضرورية للاجئين، ودعم صمودهم وبقائهم على أرض سوريا وإعادة إعمار منازلهم التي دمرت في الأحداث الداخلية، فالمخيمات هناك تمثل جسر العبور لفلسطين.