تنهمك النسوة في إعداد وجبات الإفطار في شهر رمضان بعد صلاة العصر، وهو الوقت الذي تكون صابرين السيلاوي قد انتهت فيه من تجهيز طلبيات الزبائن بعد نحو عشر ساعات من العمل المتواصل، لتبدأ بتسليمها في موعدها قبل حلول موعد الإفطار.
قبل ثلاثة أيام من موعد الطلبية، تكون السيلاوي من حي الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، قد أعدت قائمة بالمكونات اللازمة لإعداد الأكلات، فتبتاع الخضروات الطازجة واللحم، والكفتة، والدجاج قبلها بيوم، ومن الفجر تبدأ بالفرم وتحضير اللحوم، وتحضير المأكولات إما مطبوخة وجاهزة للتقديم ساخنة، أو مفرّزة وفق ما تحدده الزبونة.
وثمة العديد من الأطباق التي تلقى رواجًا في معظم البيوت الغزية، وفق السيلاوي، كأقراص الكبة، ومثلثات السمبوسك، ومحشي وورق العنب، وهي الأكثر طلبًا لديها في رمضان.
ورغم أن تحضير الأكلات في الصيام مرهق بالنسبة لسيلاوي، إلا أنها تجد متعة في عملها الذي تحول لمشروع عائلي، إذ تستعين بابنتها وابنيها، إضافة إلى حماتها لمساعدتها في تحضير الطلبيات.
وتقول السيلاوي (42 عاما) لـ"فلسطين": "تعلمت بعض الأكلات الغزية على يد حماتي، كالسماقية فهي أكلة خاصة بأهل غزة الأصليين، وقد تعلمها اللاجئون بعد هجرة عام 48، وتميزتُ في إعدادها بشهادة من حولي، وهي الأكلة الأكثر طلبًا في اليوم الأخير من رمضان، وصبيحة عيدي الفطر، والأضحى أيضًا".
وتضيف: "كما لدي القدرة على إعداد العديد من أصناف الأرز كالبرياني والكبسة، أو اللحم لأكثر من 20 فردًا، وكالعادة تُطلب مني هذه الأكلات في آخر أسبوعين من رمضان، وهو الوقت الذي تعقد فيه العائلات ولائمها للأرحام عادةً".
تراجع الإقبال
أما سماح الباقة من المغازي وسط قطاع غزة بدأت مشروعها "طلبيات أكل بيتي" برأس مال بسيط، وبمواد غذائية متوافرة في بيتها، إذ بدأت بإعداد بعض الأكلات التي تجيدها، وترويجها بين جاراتها والأقارب، ومن ثم وسّعت عملها لتروج له على منصة "فيسبوك".
وتقول الباقة لـ"فلسطين": "أن حاجتها للعمل جاءت بعد فرض السلطة التقاعد المبكر على موظفيها، وكان زوجها واحدًا منهم، ولم يكن الأمر في الحسبان ولا سيما أنه أقدم على الحصول على قرض من البنك، ما فاقم من الوضع المالي للعائلة، لذا وجدتُ في هذا المشروع طوق نجاة لإيجاد مصدر دخل لعائلتي".
وتتابع: "شهر رمضان هو فرصة لكسب المال، إذ يزداد إقبال السيدات على طلب بعض المأكولات كالكبة ورولات المسخن وزبدية الجمبري والكعك والمعمول في الأيام الأخيرة لشهر رمضان".
وتلفت الباقة إلى أن تردي الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، والغلاء الذي طال جميع المواد الغذائية، أدى إلى ضعف الإقبال على طلبيات الأكل البيتي.
المفتول الأسمر
المفتول بالدقيق الأسمر هو الأكل الأكثر طلبًا من الأربعينية نسرين إربيع من منطقة بطن السمين غربي مدينة خان يونس، والتي ذاع صيتها في مدينتها منذ خمس سنوات، إذ تمكنت من استقطاب عدد من الزبائن الدائمين.
وتقول اربيع لـ"فلسطين": "أستعين بجاراتي لمساعدتي في إعداد ولائم المفتول مقابل أجر متفق عليه مسبقًا، إذ تحرص العائلات على دعوة أرحامها لتناول الولائم على مائدة الإفطار، إضافة إلى بعض الحلويات كالقطائف المحشوة بالمكسرات، والجبن، والقشطة أيضًا، وحلويات أخرى".
وتردف: "شهر رمضان يأتي بالخير دائمًا، إذ أنتظره بفارغ الصبر لكي أتمكن من كسب المال لتوفير متطلبات أطفالي الستة، وزوجي العاطل عن العمل، فتنتعش حركة الطلبيات ولا سيما على رقائق السمبوسة والتي أعدها بكميات كبيرة، وأقوم بتفريزها قبل دخول شهر رمضان، لتسلميها لزبونات دائمات لدي، وغيرهن أيضًا".
ومع نهاية شهر رمضان تبين اربيع أنها تتجهز لاستقبال طلبيات الكعك والمعمول، لتسليمها قبل أيام قليلة من عيد الفطر، فلا يخلو بيت فلسطيني من هذين النوعين من الحلويات.
وتذكر اربيع أن سعر الكعك، والمعمول الجاهزة ما بين 15-25 شيقلًا، ويختلف باختلاف حشواته، ونوع السمن المضاف إليه نباتي، أو حيواني.