فلسطين أون لاين

هل نوافق على ما رفض قبل أربعين سنة؟

لعل معالم الخطة التي تعدها الولايات المتحدة "للتسوية" بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل) ستتضح خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، ما قد ينهي حالة الغموض التي تشوب مواقف إدارة الرئيس دونالد ترامب حيال قضايا أساسية في الصراع، سيما الاستيطان وحل الدولتين.


فالتسريبات التي سمعناها الأيام القليلة الماضية ويجري الحديث عن أن حكمًا ذاتيًا للسلطة الفلسطينية يدرس في أروقة البيت الأبيض، أن أقصى ما تقترحه الولايات المتحدة على الجانب الفلسطيني في المرحلة الحالية، هو حكم ذاتي كامل، وليس حلّ الدولتين الذي يبدو أنه لم يعد حلًا مقبولًا بل تعدّه مستحيلًا لدى إدارة الرئيس ترامب، في حين تقول مصادر أخرى إن جاريد كوشنر مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط طرح "كونفدرالية مع الأردن" على رئيس السلطة محمود عباس خلال اللقاء الأخير.


لكن الأرجح أن الإدارة الأمريكية _بحسب تسريبات_ تعد ورقة "خارطة طريق" بمقاسات الاحتلال بتقديم بعض التنازلات من ضمنها تسليم أجزاء من مناطق "ب" و"ج" إلى الجانب الفلسطيني، ومنحهم تسهيلات اقتصادية ملموسة، كما تنص الأفكار الأمريكية على إبقاء القدس كاملة تحت السيادة الإسرائيلية، خاصة أن فرض الوقائع على الأرض سيجعل الفلسطينيين والعرب يقبلون ما كان مرفوضًا سابقًا، وهذا موقف القادة الإسرائيليين من التحولات على الأرض في الضفة والاستيطان واستغلال عملية القدس لفرض وقائع أمنية جديدة على المسجد الأقصى والسيطرة الكاملة عليه وعلى بواباته في تجاوز للوصاية الأردنية وإن كان أحد بنود اتفاقية وادي عربة بأنه في تفاهمات الوضع النهائي سيبحث الجانبان عن دور (إشرافي على المقدسات) وهنا يتضح بأنه لا يوجد تصور لوجود سلطة فلسطينية بنظام سياسي تقع القدس تحت سيادتها أو حل لدولتين، كل هذه الأمور دفعت الإدارة الأمريكية للرجوع إلى أربعين سنة للوراء وإيجاد أرضية خصبة لحكم ذاتي بدل حل الدولتين.


لكن على ما يبدو أن الطرح الأمريكي ليس إلا للتنصل من الالتزام بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، فكل ما تطرحه الولايات المتحدة من حلول سواء كانت "كونفدرالية أو "الحكم الذاتي"، ليس إلا لإلهاء الفلسطينيين، وذر الرماد في العيون، لمنع أي إدانة دولية للاحتلال والاستيطان والتهويد والتهجير والحدم والحصار... إلخ وفرض العقوبات عليها.


الحكم الذاتي ليس إلا بضاعة قديمة سبق أن باعونا إياها، فما نحن فيه ربما أفضل من "حكم ذاتي" سينسينا قضية اللاجئين والقدس والأسرى ويعمل على إسقاط القضية الفلسطينية ويجعلنا في سجن ذاتي تحت رحمة الاحتلال إلى أبد الآبدين.