زكاة الفطر، هي شرعة مباركة من شرعة الإسلام العظيم، شرعها الله الحكيم سبحانه، وكل شرائع الله فيها الحِكْمة، عرفها من عرفها وجهلها من جهلها. وزكاة الفطر فيها حِكَمٌ ظاهرة جلية، ويعود خيرها على الصائم نفسه. فهي تطهير لصيام المؤمن، مما يكون قد اعتراه من خلل ونقص وتقصير، فتجبره زكاة الفطر، وتنقيه، وتزكيه، حتى يعود أكمل ما يكون.
لكن ما حكم تعجيل زكاة الفطر، والذي نستقي اجابته من صفحة الشيخ صلاح بن نور الدين نور
الجواب: للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: الجواز، وهو مذهب الشافعي رحمه الله، وذلك لأنّ سبب الصدقة الصوم والفطر عنه، فإذا وجد أحد السببين، جاز تعجيلها، كزكاة المال بعد ملك النصاب.
القول الثاني: عدم جواز إخراج زكاة الفطر إلا قبل يومين من العيد، وهذا مذهب مالك، وأحمد، ورجحه ابن حزم، واختاره عدد كبير من المعاصرين. وذلك لما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين. فقوله: كانوا: أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم أولى. وقالوا أيضًا: إنّ الحكمة من زكاة الفطر هي التوسعة على الفقراء في يوم العيد، وإنّ تقديم زكاة الفطر عن ذلك يفوّت هذه المصلحة، ويلغي تلك الحكمة.
القول الثالث: أنّ إخراج زكاة الفطر يجوز من بداية الحول، وهو قول بعض الأحناف وبعض الشافعية، قالوا: لأنها زكاة، فأشبهت زكاة المال في جواز تقديمها مطلقًا.
والخلاصة أن هذه المسألة من مسائل الخلاف الشهيرة، ولا شك أنّ الاقتداء بهدي الصحابة رضي الله عنهم أفضل وأولى، وذلك بإخراج زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين، وذلك لتحقيق المصلحة الشرعية التي لأجلها شرعت زكاة الفطر وهي التوسعة على الفقراء في يوم العيد، ولكنه يبقى الأخذ بقول الشافعية وهو الصحيح المُفتَى به عند الحنفية- بجواز إخراج زكاة الفطر من بداية رمضان- قولًا قويًّا معتبرًا، لا سيما إذا دعت المصلحة والحاجة إليه. ويمكن الرد على من قال: إنّ هذا القول فيه تعطيل لحكمة زكاة الفطر، بأنّ التوسعة على الفقير في يوم العيد ليست هي الحكمة الوحيدة من زكاة الفطر، بل جاء في الحديث حكمة أخرى وهي: "طهرة للصائم". وقد وجد سبب ذلك وهو الصيام فكان القول بالجواز قولًا قويًّا معتبرًا.
والله تعالى أعلم.