فلسطين أون لاين

تقرير التكافل.. ركيزة مجتمعية تؤسس لحياة اجتماعية ونفسية سليمة

...
التكافل.. ركيزة مجتمعية تؤسس لحياة اجتماعية ونفسية سليمة
غزة/ هدى الدلو:

يحرص الستيني أبو مهند على نيل الأجر والثواب في شهر رمضان، بتخصص مبالغ مالية لشقيقاته المتزوجات، ويرسل إليهن الرمضانيات، فيخطو خطوات والده في هذه العادة التي يصفها بـ"الجميلة" خاصة أن أوضاعهن لا تسمح لهن بتوفير كل المستلزمات التي يحتجنها.

يقول: "كان والدي في أول يوم برمضان يشتري اللحوم والدواجن والأرز وبعض حاجيات السحور، ويذهب لزيارة عماتي، فأحيانًا أخطو خطاه، ومرات أخرى أغير في طبيعة الإهداء واقتصرها على تخصيص مبالغ مالية لتشتري كل واحدة ما تراه مناسبًا لأبنائها وبيتها، ولا اكتفي بذلك بل أقيم لهن وليمة تضم الأرحام".

وترى "أم نائل" بأن الرمضانية عادة ينتهجها البعض ليشيع مبدأ التكافل الاجتماعي والشعور بالغير، بأنها تدخل السرور على العائلة، وهي شكل من أشكال صلة الرحم وتفقد حاجة الأهل ببعض من مونة رمضان.

تقول: "في بداية حياتي الزوجية قبل اثني عشر عامًا كان والدي يرسل لي بعض مستلزمات رمضان من تمر وأجبان وعصائر وغيرها، تعبيرًا منه عن المحبة والمودة وغيرها من المشاعر الجميلة بغض النظر عن قيمتها المادية".  

وتضيف أم نائل: "أشجع أبنائي على اتباع هذه العادة الرمضانية بتفقد أخواتهن، حتى لو كانت أوضاعهن المادية متيسرة، ليبقى الترابط بينهم حاضرًا، فهي صورة من صلة الرحم، وأعمل حاليًّا على تفقد بعض الجيران حولي ببعض الأصناف الرمضانية، أو بفقدهم ببعض الطعام الذي أعده لعائلتي".

مظاهر التكافل

وتؤكد الاختصاصية النفسية والاجتماعية أسماء جعرور، أن الأخوة بين أفراد المجتمع من أعظم المبادئ التي ارتكز عليها التكافل الاجتماعي، باعتباره وسيلة لتنمية المجتمع بتركيزه على تعزيز السلوكيات الأخلاقية التي تحفظ كرامته وتزيد روابطه.

وتقول لصحيفة "فلسطين": "الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين بشكلٍ فردي يساهم في الحفاظ على المصلحة العامة، كما أنه يقرب أفراد المجتمع من بعضهم البعض، ويقلل من النزاعات، ويشجع الأفراد على مشاركة أوقاتهم الخاصة في مساعدة بعضهم البعض عند الحاجة، حتى يستفيدوا جميعًا على اختلاف أعمارهم وأجناسهم، ويتضامن أبناء المجتمع ويتساندوا فيما بينهم أكانوا أفرادًا أو جماعات".

وتضيف جعرور: "كما أن التكافل يشجع الأفراد على اتخاذ مواقف إيجابية كرعاية اليتيم، وتحريم الاحتكار بدافع من شعور وجداني عميق ينبع من أصل العقيدة الإسلامية، ليعيش الفرد في كفالة الجماعة، وتعيش الجماعة بمؤازرة الفرد، حيث يتعاون الجميع ويتضامنون لإيجاد المجتمع الأفضل".

وتوضح أن التكافل الاجتماعي ومظاهره تنشط في شهر رمضان الكريم لمضاعفة الأجر والثواب، وانكشاف الفقر والحاجة لدى الفقراء في هذا الشهر المبارك، إضافة إلى أنه يتخذ أشكالاً مختلفة منها صلة الأرحام والصدقة على المحتاج منهم، وتفقد الجيران دون التسبب لهم بأي إحراج.

وكذلك مساعدة الفقراء والمساكين والأرامل، وكفالات الأيتام وإفطار الصائمين، وزكاة الفطر، وزيارة الوالدين والبر بهما، وتوزيع الطعام على الفقراء، وتقديم الطرود الغذائية من المؤسسات، وتقديم المساعدات المالية، تزيين بيوت الفقراء، كل هذه الصور لها دور كبير في تحقيق التكافل الاجتماعي.

وتشير جعرور إلى أن التكافل الاجتماعي يؤسس لحياة اجتماعية سليمة داخل المجتمع الإسلامي، وهو إحدى ركائز قوة المجتمع وتماسكه الداخلي، والتي تسهم إلى حد كبير في التخفيف من معاناة الفئات المحرومة وخاصة في أوقات الأزمات، خاصة وإن كان تقديم المساعدة للفقراء والمحتاجين في كثير من الأحيان تتسم بالسرية دون المساس بكرامة الفرد، فعندما يشعر الفرد بالاهتمام من أفراد مجتمعه، وحصوله على ما يسد احتياجاته، هذا يجعل الفرد أيضًا يشعر بالرفاهية والرخاء، الأمر الذي يؤدي إلى تحسين الصحة النفسية للأفراد والمجتمع كذلك.